لا يحب الله الجهر بالسوء من القول في سبب نزولها قولان .
أحدهما: أن ضيفا تضيف قوما فأساؤوا قراه فاشتكاهم ، فنزلت هذه الآية رخصة في أن يشكوا ، قاله مجاهد .
[ ص: 237 ] والثاني: أن رجلا نال من والنبي صلى الله عليه وسلم حاضر ، فسكت عنه أبي بكر الصديق أبو بكر مرارا ، ثم رد عليه ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر: يا رسول الله شتمني فلم تقل له شيئا ، حتى إذا رددت عليه قمت؟! فقال: "إن ملكا كان يجيب عنك ، فلما رددت عليه ، ذهب الملك ، وجاء الشيطان" فنزلت هذه الآية ، هذا قول واختلف القراء في قراءة (إلا من ظلم) فقرأ الجمهور بضم الظاء ، وكسر اللام . وقرأ مقاتل . عبد الله بن عمرو ، والحسن ، وابن المسيب ، وأبو رجاء ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، والضحاك ، بفتحهما . [ ص: 238 ] فعلى قراءة الجمهور ، في معنى الكلام ثلاثة أقوال . وزيد بن أسلم ،
أحدها: إلا أن يدعو المظلوم علة من ظلمه ، فإن الله قد أرخص له ، قاله والثاني: إلا أن ينتصر المظلوم من ظالمه ، قاله ابن عباس . الحسن ، والسدي .
والثالث: إلا أن يخبر المظلوم بظلم من ظلمه ، رواه عن ابن أبي نجيح مجاهد .
وروى عنه قال: إلا أن يجهر الضيف بذم من لم يضيفه . فأما قراءة من فتح الظاء ، فقال ابن جريج هي مردودة على قوله: ثعلب: ما يفعل الله بعذابكم إلا من ظلم وذكر فيها قولين . الزجاج
أحدهما: أن المعنى إلا أن الظالم يجهر بالسوء ظلما .
والثاني: إلا أن تجهروا بالسوء للظالم . فعلى هذا تكون "إلا" في هذا المكان استثناء منقطعا ، ومعناها: لكن المظلوم يجوز له أن يجهر لظالمه بالسوء . ولكن الظالم قد يجهر له بالسوء ، فاجهروا له بالسوء . وقال ابن زيد: إلا من ظلم ، أي: أقام على النفاق ، فيجهر له بالسوء حتى ينزع .
[ ص: 239 ] قوله تعالى: وكان الله سميعا أي: لما تجهرون به من سوء القول (عليما) بما تخفون . وقيل: سميعا لقوم المظلوم ، عليما بما في قلبه ، فليتق الله ، . ولا يقل إلا الحق وقال الحسن: من ظلم فقد رخص له أن يدعو على ظالمه من غير أن يعتدي ، مثل أن يقول: اللهم أعني عليه ، اللهم استخرج لي حقي ، اللهم حل بينه وبين ما يريد .