اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين
[ ص: 295 ] قوله تعالى: اليوم أحل لكم الطيبات قال يجوز أن يريد باليوم اليوم الذي أنزلت فيه الآية ، ويجوز أن يريد اليوم الذي تقدم ذكره في قوله: القاضي أبو يعلى: اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ، وفي قوله: اليوم أكملت لكم دينكم ، وقيل: ليس بيوم معين . وقد سبق الكلام في "الطيبات" وإنما كرر إحلالها تأكيدا . فأما أهل الكتاب ، فهم اليهود والنصارى . وطعامهم: ذبائحهم ، هذا قول والجماعة . وإنما أريد بها الذبائح خاصة ، لأن سائر طعامهم لا يختلف بمن تولاه من مجوسي وكتابي ، وإنما الذكاة تختلف ، فلما خص أهل الكتاب بذلك ، دل على أن المراد الذبائح ، فأما ابن عباس ، ، فأجمعوا على تحريمها . واختلفوا في ذبائح المجوس من عبدة الأوثان ، فروي عن ذبائح من دان باليهودية والنصرانية أنه سئل عن ابن عباس فقال: لا بأس بها ، وتلا قوله: ذبائح نصارى العرب ، ومن يتولهم منكم فإنه منهم [المائدة: 51] وهذا قول الحسن ، وعطاء بن أبي رباح ، والشعبي ، وعكرمة ، وقتادة ، والزهري ، والحكم ، وحماد . وقد روي عن علي ، في آخرين أن ذبائحهم لا تحل . ونقل وابن مسعود الخرقي عن في نصارى أحمد بني تغلب روايتين .
إحداهما: تباح ذبائحهم ، وهو قول أبي حنيفة ، ومالك .
والثانية: لا تباح . وقال من دخل في دين أهل الكتاب بعد نزول القرآن ، لم يبح أكل ذبيحته . [ ص: 296 ] قوله تعالى: الشافعي: وطعامكم حل لهم أي: وذبائحكم لهم حلال ، فإذا اشتروا منا شيئا كان الثمن لنا حلالا ، واللحم لهم حلالا . قال : والمعنى: أحل لكم أن تطعموهم . الزجاج
فصل
وقد زعم قوم أن هذه الآية اقتضت إباحة مطلقا وإن ذكروا غير اسم الله عليها ، فكان هذا ناسخا لقوله تعالى: ذبائح أهل الكتاب ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه [الأنعام: 121] والصحيح أنها أطلقت إباحة ذبائحهم ، لأن الأصل أنهم يذكرون الله ، فيحمل أمرهم على هذا . فإن تيقنا أنهم ذكروا غيره ، فلا نأكل ، ولا وجه للنسخ ، وإلى هذا الذي قلته ذهب علي ، وابن عمر ، وعبادة ، وأبو الدرداء ، في جماعة . والحسن
قوله تعالى: والمحصنات من المؤمنات فيهن قولان .
أحدهما: العفائف ، قاله والثاني: الحرائر ، قاله ابن عباس . مجاهد .
وفي قوله: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب قولان .
أحدهما: الحرائر أيضا ، قاله ابن عباس .
والثاني: العفائف ، قاله الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، والضحاك ، فعلى هذا القول; يجوز تزويج الحرة منهن والأمة . والسدي .
فصل
وهذه الآية أباحت وقد روي عن نكاح الكتابية . أنه تزوج عثمان نائلة بنت الفرافصة على نسائه وهي نصرانية . وعن أنه تزوج [ ص: 297 ] يهودية . وقد روي عن طلحة بن عبيد الله: عمر ، كراهة ذلك . واختلفوا في وابن عمر ، فقال نكاح الكتابية الحربية : لا تحل ، والجمهور على خلافه ، وإنما كرهوا ذلك ، لقوله تعالى: ابن عباس لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله [المجادلة: 22] والنكاح يوجب الود . واختلفوا في نكاح نساء تغلب ، فروي عن علي رضي الله عنه الحظر ، وبه قال جابر بن زيد ، وروي عن والنخعي ، الإباحة . وعن ابن عباس روايتان . واختلفوا في إماء أهل الكتاب ، فروي عن أحمد ابن عباس ، والحسن ، أنه لا يجوز نكاحهن ، وبه قال ومجاهد: الأوزاعي ، ومالك ، والليث بن سعد ، وأصحابنا . وروي عن والشافعي ، الشعبي ، جواز ذلك ، وبه قال وأبي ميسرة: أبو حنيفة . فأما المجوس ، فالجمهور على أنهم ليسوا بأهل كتاب ، وقد شذ من قال: إنهم أهل كتاب ، ويبطل قولهم قوله عليه السلام: فأما "الأجور" و "الإحصان" و "السفاح" و "الأخدان" فقد سبق في سورة (النساء) . "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" .
قوله تعالى: ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله سبب نزول هذا الكلام: أن الله تعالى لما رخص في قلن بينهن: لولا أن الله تعالى قد رضي علينا ، لم يبح للمؤمنين تزويجنا ، وقال المسلمون: كيف يتزوج الرجل منا الكتابية ، وليست على ديننا ، فنزلت: نكاح الكتابيات ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله رواه عن أبو صالح وقال ابن عباس . نزلت فيما أحصن المسلمون من نساء أهل الكتاب ، يقول: ليس إحصان المسلمين إياهن بالذي يخرجهن من الكفر . وروى مقاتل بن حيان: عن ليث ومن يكفر بالإيمان ، قال: الإيمان بالله تعالى . قال مجاهد: : [ ص: 298 ] معنى الآية: من أحل ما حرم الله ، أو حرم ما أحله الله ، فهو كافر . وقال الزجاج من جحد ما أنزله الله من شرائع الإيمان ، وعرفه من الحلال والحرام ، فقد حبط عمله المتقدم . وسمعت أبو سليمان: الحسن بن أبي بكر النيسابوري الفقيه يقول: إنما أباح الله عز وجل الكتابيات ، لأن بعض المسلمين قد يعجبه حسنهن ، فحذر ناكحهن من الميل إلى دينهن بقوله: ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله .