يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم
قوله تعالى: من يرتد منكم عن دينه قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، يرتد ، بإدغام الدال الأولى في الأخرى ، وقرأ والكسائي: نافع ، يرتدد ، بدالين . قال وابن عامر: : "يرتدد" هو الأصل ، لأن الثاني إذا سكن من المضاعف ، ظهر التضعيف . فأما "يرتد" فأدغمت الدال الأولى في الثانية ، وحركت الثانية بالفتح ، لالتقاء الساكنين . قال الزجاج علم الله أن قوما يرجعون عن الإسلام بعد موت نبيهم عليه السلام ، فأخبرهم أنه سيأتي بقوم يحبهم ويحبونه . وفي المراد بهؤلاء القوم ستة أقوال . [ ص: 381 ] أحدها: الحسن: وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة ، قاله أبو بكر الصديق علي بن أبي طالب ، عليهما السلام ، والحسن وقتادة ، والضحاك ، قال وابن جريج . كرهت الصحابة قتال مانعي الزكاة ، وقالوا: أهل القبلة ، فتقلد أنس بن مالك: أبو بكر سيفه ، وخرج وحده ، فلم يجدوا بدا من الخروج على أثره .
والثاني: أبو بكر ، روي عن وعمر ، أيضا . الحسن
والثالث: أنهم قوم روى أبي موسى الأشعري ، عياض الأشعري أنه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هم قوم هذا" يعني: أبا موسى .
والرابع: أنهم أهل اليمن ، رواه عن الضحاك ، وبه قال ابن عباس ، مجاهد .
والخامس: أنهم الأنصار ، قاله السدي .
والسادس: المهاجرون والأنصار ، ذكره قال أبو سليمان الدمشقي . وقد أنجز الله ما وعد فأتى بقوم في زمن ابن جرير: كانوا أحسن موقعا في الإسلام ممن ارتد . عمر
قوله تعالى: أذلة على المؤمنين قال عليه السلام: أهل [ ص: 382 ] رقة على أهل دينهم ، أهل غلظة على من خالفهم في دينهم . وقال علي بن أبي طالب : معنى "أذلة": جانبهم لين على المؤمنين ، لا أنهم أذلاء . الزجاج
يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم لأن المنافقين يراقبون الكفار ، ويظاهرونهم ، ويخافون لومهم ، فأعلم الله عز وجل أن ، ثم أعلم أن ذلك لا يكون إلا بتوفيقه ، فقال: الصحيح الإيمان لا يخاف في الله لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء يعني: محبتهم لله ، ولين جانبهم للمسلمين ، وشدتهم على الكافرين .