لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم
قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة قال هم النصارى . قال مجاهد: لما ولد وهب بن منبه: عيسى لم يبق صنم إلا خر لوجهه ، فاجتمعت الشياطين إلى إبليس ، فأخبروه ، فذهب فطاف أقطار الأرض ، ثم رجع ، فقال: هذا المولود الذي ولد من غير ذكر ، أردت أن أنظر إليه ، فوجدت الملائكة قد حفت بأمه ، فليتخلف عندي اثنان من مردتكم ، فلما أصبح ، خرج بهما في صورة الرجال ، فأتوا مسجد بني إسرائيل وهم يتحدثون بأمر عيسى ويقولون: مولود من غير أب . فقال إبليس: ما هذا ببشر ، ولكن الله أحب أن يتمثل في امرأة ليختبر العباد ، فقال أحد صاحبيه: ما أعظم ما قلت ، ولكن الله أحب أن يتخذ ولدا . وقال الثالث: ما أعظم ما قلت ، ولكن الله أراد أن يجعل إلها في [ ص: 403 ] الأرض ، فألقوا هذا الكلام على ألسنة الناس ، ثم تفرقوا ، فتكلم به الناس .
وقال لما رفع محمد بن كعب: عيسى اجتمع مئة من علماء بني إسرائيل ، وانتخبوا منهم أربعة ، فقال أحدهم: عيسى هو الله كان في الأرض ما بدا له ، ثم صعد إلى السماء ، لأنه لا يحيي الموتى ولا يبرئ الأكمه والأبرص إلا الله . وقال الثاني: ليس كذلك ، لأنا قد عرفنا عيسى ، وعرفنا أمه . ولكنه ابن الله . وقال الثالث: لا أقول كما قلتما ، ولكن جاءت به أمه من عمل غير صالح . فقال: الرابع لقد قلتم قبيحا ، ولكنه عبد الله ورسوله ، وكلمته ، فخرجوا ، فاتبع كل رجل منهم عنق من الناس . قال المفسرون: ومعنى الآية: أن النصارى قالت: الإلهية مشتركة بين الله وعيسى ومريم ، وكل واحد منهم إله . وفي الآية إضمار ، فالمعنى: ثالث ثلاثة آلهة ، فحذف ذكر الآلهة ، لأن المعنى مفهوم ، لأنه لا يكفر من قال: هو ثالث ثلاثة ، ولم يرد الآلهة ، لأنه ما من اثنين إلا وهو ثالثهما ، وقد دل على المحذوف قوله: وما من إله إلا إله واحد . قال : ومعنى ثالث ثلاثة: أنه أحد ثلاثة . ودخلت "من" في قوله: الزجاج وما من إله للتوكيد .
والذين كفروا منهم ، هم المقيمون على هذا القول . وقال المعنى: ليمسن الذين يقولون: المسيح هو الله ، والذين يقولون: إن الله ثالث ثلاثة ، وكل كافر يسلك سبيلهم ، عذاب أليم . ابن جرير: