قوله تعالى: وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا فيهم قولان .
أحدهما: أنها الكفار . والثاني: اليهود والنصارى .
وفي اتخاذهم دينهم لعبا ولهوا ، ثلاثة أقوال . أحدها: أنه استهزاؤهم بآيات الله إذا سمعوها .
والثاني: أنهم دانوا بما اشتهوا كما يلهون بما يشتهون .
والثالث: أنهم يحافظون على دينهم إذا اشتهوا ، كما يلهون إذا اشتهوا . قال الفراء: ويقال: إنه ليس من قوم إلا ولهم عيد ، فهم يلهون في أعيادهم ، إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإن أعيادهم صلاة وتكبير وبر وخير .
فصل
ولعلماء الناسخ والمنسوخ في هذا القدر من الآية ، قولان .
أحدهما: أنه خرج مخرج التهديد ، كقوله: ذرني ومن خلقت وحيدا [المدثر:11] فعلى هذا ، هو محكم ، وإلى هذا المعنى ذهب مجاهد .
والثاني: أنه اقتضى المسامحة لهم والإعراض عنهم ، ثم نسخ بآية السيف; وإلى هذا ذهب قتادة ، والسدي .
قوله تعالى: وذكر به أي: عظ بالقرآن . وفي قوله: أن تبسل قولان . [ ص: 65 ] أحدهما: لئلا تبسل نفس كقوله: أن تضلوا [النساء:176] .
والثاني: ذكرهم إبسال المبسلين بجناياتهم لعلهم يخافون .
وفي معنى "تبسل" سبعة أقوال .
أحدها: تسلم ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، ومجاهد ، والسدي . وقال ابن قتيبة: تسلم إلى الهلكة . قال الشاعر:
وإبسالي بني بغير جرم بعوناه ولا بدم مراق
أي: بغير جرم أجرمناه; والبعو: الجناية . وقال الزجاج : تسلم بعملها غير قادرة على التخلص . والمستبسل: المستسلم الذي لا يعلم أنه يقدر على التخلص .
والثاني: تفضح ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثالث: تدفع رواه الضحاك عن ابن عباس . والرابع: تهلك ، روي عن ابن عباس أيضا . والخامس: تحبس وتؤخذ ، قاله قتادة ، وابن زيد . والسادس: تجزى ، قاله ابن السائب ، والكسائي . والسابع: ترتهن ، قاله الفراء . وقال أبو عبيدة: ترتهن وتسلم; وأنشد:
هنالك لا أرجو حياة تسرني سمير الليالي مبسلا بالجرائر
[ ص: 66 ] سمير الليالي: أبد الليالي: فأما الولي: فهو الناصر الذي يمنعها من عذاب الله . والعدل: الفداء . قال ابن زيد: وإن تفتد كل فداء لا يقبل منها . فأما الحميم ، فهو الماء الحار . قال ابن قتيبة: ومنه سمي الحمام .


