فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون
قوله تعالى: فمن يرد الله أن يهديه قال نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مقاتل: وأبي جهل .
قوله تعالى: يشرح صدره قال الشرح: الفتح . قال ابن الأعرابي: ومنه يقال: شرحت لك الأمر ، وشرحت اللحم: إذا فتحته . وقال: ابن قتيبة: (يشرح صدره) أي: يوسع قلبه للتوحيد والإيمان . وقد روى ابن عباس: ابن مسعود فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ، فقيل له: يا رسول الله ، وما هذا الشرح؟ قال: "نور يقذفه الله في القلب ، فينفتح القلب" قالوا: فهل لذلك من أمارة؟ قال: "نعم" قيل: وما هي؟ [ ص: 120 ] قال: "الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزوله" أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ:
قوله تعالى: ضيقا قرأ الأكثرون بالتشديد . وقرأ "ضيقا" ، وفى[الفرقان:13]: ابن كثير: مكانا ضيقا بتسكين الياء خفيفة . قال أبو علي: الضيق ، والضيق: مثل الميت ، والميت .
قوله تعالى: حرجا قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، (حرجا) بفتح الراء . وقرأ والكسائي: نافع ، عن وأبو بكر بكسر الراء . قال عاصم: وهما لغتان . وكذلك قال الفراء: يونس بن حبيب النحوي: هما لغتان ، إلا أن الفتح أكثر من ألسنة العرب من الكسر ، ومجراهما مجرى الدنف والدنف . وقال : الحرج في اللغة: أضيق الضيق . الزجاج
قوله تعالى: ( كأنما يصاعد ) قرأ نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، "يصعد" بتشديد الصاد والعين وفتح الصاد من غير ألف . وقرأ والكسائي: أبو بكر عن "يصاعد" بتشديد الصاد وبعدها ألف . وقرأ عاصم: "يصعد" بتخفيف الصاد والعين من غير ألف والصاد ساكنة . وقرأ ابن كثير: ابن مسعود ، وطلحة: "تصعد" بتاء من غير ألف . وقرأ "يتصاعد" بألف وتاء . قال أبي بن كعب: : قوله: ( كأنما يصاعد في السماء ) و"يصعد" أصله: "يتصاعد" ، "ويتصعد" إلا أن التاء تدغم في الصاد [ ص: 121 ] لقربها منها ، والمعنى: كأنه قد كلف أن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه . ويجوز أن يكون المعنى: كأن قلبه يصعد في السماء نبوا عن الإسلام والحكمة . وقال الزجاج ضاق عليه المذهب ، فلم يجد إلا أن يصعد في السماء ، وليس يقدر على ذلك . وقال الفراء: أبو علي: "يصعد" و"يصاعد": من المشقة ، وصعوبة الشيء ، ومنه قول ما تصعدني شيء كما تصعدتني خطبة النكاح ، أي: ما شق علي شيء مشقتها . عمر:
قوله تعالى: كذلك أي: مثل ما قصصنا عليك . يجعل الله الرجس وفيه خمسة أقوال .
أحدها: أنه الشيطان ، رواه ابن أبي طلحة عن يعني: أن الله يسلطه عليهم . ابن عباس .
والثاني: أنه المأتم ، رواه عن أبو صالح ابن عباس .
والثالث: أنه ما لا خير فيه قاله مجاهد .
والرابع: أنه العذاب ، قاله عطاء ، وابن زيد ، وأبو عبيدة .
والخامس: أنه اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة ، قاله : وهذه الآية تقطع كلام القدرية ، إذ قد صرحت بأن الهداية والإضلال متعلقة بإرادة الله تعالى: الزجاج