وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون
قوله تعالى: وكذلك زين أي: ومثل ذلك الفعل القبيح فيما قسموا بالجهل زين . قال ويجوز أن يكون "وكذلك" مستأنفا غير مشار به إلى ما قبله; فيكون المعنى: وهكذا زين . وقرأه الجمهور: "زين" ، بفتح الزاي والياء ، ونصب اللام من "قتل" وكسر الدال من "أولادهم" ورفع "الشركاء"; وجه هذه القراءة ظاهر . وقرأ ابن الأنباري: بضم زاي "زين" [ ص: 130 ] ورفع اللام [من"قتل"] ، من قتل ونصب الدال من "أولادهم" وخفض "الشركاء" . قال ابن عامر: أبو علي" ومعناها: قتل شركائهم أولادهم; ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول به ، وهذا قبيح ، قليل في الاستعمال . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ، "زين" بالرفع ، "قتل" بالرفع أيضا ، "أولادهم" بالجر ، "شركاؤهم" رفعا . قال والحسن: رفع القتل إذ لم يسم فاعله; ورفع الشركاء بفعل نواه ، كأنه قال زينه لهم شركاؤهم . وكذلك قال الفراء: في هذه القراءة; قال: كأنه قيل: من زينه؟ فقال: شركاؤهم . قال سيبويه وقد روي عن مكي بن أبي طالب: أيضا أنه قرأ بضم الزاي ، ورفع اللام ، وخفض الأولاد والشركاء; فيصير الشركاء اسما للأولاد ، لمشاركتهم للآباء في النسب والميراث والدين . ابن عامر
وللمفسرين في المراد بشركائهم أربعة أقوال .
أحدها: أنهم الشياطين ، قاله الحسن ، ومجاهد ، والثاني: شركاؤهم في الشرك ، قاله والسدي . والثالث: قوم كانوا يخدمون الأوثان ، قاله قتادة . الفراء ، والرابع: أنهم الغواة من الناس ، ذكره والزجاج . . وإنما أضيف الشركاء إليهم ، لأنهم هم الذين اختلقوا ذلك وزعموه . الماوردي
وفي الذي زينوه لهم من قتل أولادهم قولان .
أحدهما: أنه وأد البنات أحياء خيفة الفقر ، قاله مجاهد .
والثاني: أنه كان يحلف أحدهم ، أنه إن ولد له كذا وكذا غلاما أن ينحر أحدهم ، كما حلف عبد المطلب في نحر قاله عبد الله ، ابن السائب ، ومقاتل .
قوله تعالى: ليردوهم أي: ليهلكوهم . وفي هذه اللام قولان .
أحدهما: أنها لام "كي" والثاني: أنها لام العاقبة ، كقوله: ليكون لهم عدوا [القصص:8] أي: آل أمرهم إلى الردى ، لا أنهم قصدوا ذلك . [ ص: 131 ] قوله تعالى: وليلبسوا عليهم دينهم أي: ليخلطوا . قال : ليدخلوا عليهم الشك في دينهم; وكانوا على دين ابن عباس إسماعيل ، فرجعوا عنه بتزيين الشياطين .
قوله تعالى: فذرهم وما يفترون قال : كان أهل الجاهلية إذا دفنوا بناتهم قالوا: إن الله أمرنا بذلك; فقال: ابن عباس فذرهم وما يفترون أي: يكذبون; وهذا تهديد ووعيد ، فهو محكم . وقال قوم: مقصوده ترك قتالهم ، فهو منسوخ بآية السيف .