قوله تعالى: وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر وقرأ الحسن ، "ظفر" بسكون الفاء; وهذا التحريم تحريم بلوى وعقوبة . والأعمش:
وفي ذي الظفر ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه ما ليس بمنفرج الأصابع ، كالإبل ، والنعام ، والإوز ، والبط ، قاله ابن عباس ، وابن جبير ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي .
والثاني: الإبل فقط ، قاله ابن زيد .
والثالث: كل ذي حافر من الدواب ، ومخلب من الطير ، قاله قال: وسمي الحافر ظفرا على الاستعارة; والعرب تجعل الحافر والإظلاف موضع القدم ، استعارة; وأنشدوا: ابن قتيبة .
سأمنعها أو سوف أجعل أمرها إلى ملك أظلافه لم تشقق
[ ص: 142 ] أراد قدميه; وإنما الأظلاف للشاء والبقر . قال الظفر هاهنا ، يجري مجرى الظفر للإنسان . وفيه ثلاث لغات . أعلاهن: ظفر; ويقال: ظفر ، وأظفور . وقال الشاعر: ابن الأنباري:
ألم تر أن الموت أدرك من مضى فلم يبق منه ذا جناح وذا ظفر
وقال الآخر:
لقد كنت ذا ناب وظفر على العدى فأصبحت ما يخشون نابي ولا ظفري
وقال الآخر:
ما بين لقمته الأولى إذا انحدرت وبين أخرى تليها قيد أظفور
وفي شحوم البقر والغنم ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه إنما حرم من ذلك شحوم الثروب خاصة ، قاله قتادة .
والثاني: شحوم الثروب والكلى ، قاله السدي ، وابن زيد .
والثالث: كل شحم لم يكن مختلطا بعظم ، ولا على عظم ، قاله وفي قوله: ابن جريج . إلا ما حملت ظهورهما ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه ما علق بالظهر من الشحوم ، قاله والثاني: الإلية ، قاله ابن عباس . أبو صالح ، والثالث: ما علق بالظهر والجنب من داخل بطونهما ، [ ص: 143 ] قاله والسدي . فأما الحوايا ، فللمفسرين فيها أقوال تتقارب معانيها . قال قتادة . ، ابن عباس والحسن ، وابن جبير ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، هي المباعر . وقال وابن قتيبة: ابن زيد: هي بنات اللبن ، وهي المرابض التي تكون فيها الأمعاء . وقال الحوايا: هي المباعر ، وبنات اللبن . وقال الفراء: هي بنات اللبن ، وأحدها: حاوياء ، وحاوية ، وحوية . الأصمعي:
قال الشاعر: أقتلهم ولا أرى معاوية الجاحظ العين العظيم الحاوية
وقال الآخر: كأن نقيق الحب في حاويائه فحيح الأفاعي أو نقيق العقارب
وقال الحوايا: ما تحوي من البطن ، أي: ما استدار منها . وقال أبو عبيدة: : الحوايا: اسم لجميع ما تحوي من البطن فاجتمع واستدار ، وهي بنات اللبن ، وهي المباعر ، وتسمى: المرابض ، وفيها الأمعاء: الزجاج
قوله تعالى: أو ما اختلط بعظم فيه قولان .
أحدهما: أنه شحم البطن والإلية ، لأنهما على عظم ، قاله والثاني: كل شحم في القوائم ، والجنب ، والرأس ، والعينين ، والأذنين ، فهو مما اختلط بعظم ، قاله السدي . واتفقوا على أن ما حملت ظهورها حلال ، [ ص: 144 ] بالاستثناء من التحريم . فأما ما حملت الحوايا ، أو ما اختلط بعظم ، ففيه قولان . ابن جريج .
أحدهما: أنه داخل في الاستثناء ، فهو مباح; والمعنى: وأبيح لهم ما حملت الحوايا من الشحم وما اختلط بعظم ، هذا قول الأكثرين .
والثاني: أنه نسق على ما حرم ، لا على الاستثناء; فالمعنى: حرمنا عليهم شحومهما ، أو الحوايا ، أو ما اختلط بعظم ، إلا ما حملت الظهور ، فإنه غير محرم . قاله . فأما "أو" المذكورة هاهنا ، فهي بمعنى الواو ، كقوله: الزجاج آثما أو كفورا [الدهر:24] .
قوله تعالى: ذلك جزيناهم أي: ذلك التحريم عقوبة لهم على بغيهم .
وفي بغيهم قولان .
أحدهما: أنه قتلهم الأنبياء ، وأكلهم الربا . والثاني: أنه تحريم ما أحل لهم .