قوله تعالى: فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه .
أزلهما بمعنى: استزلهما ، وقرأ (فأزالهما) ، أراد: نحاهما . قال حمزة: لما كان معنى أبو علي الفارسي: اسكن أنت وزوجك الجنة اثبتا فيها ، فثبتا; قابل الثبات بالزوال الذي يخالفه ، ويقوي قراءته: حمزة فأخرجهما .
والشيطان: إبليس ، وأضيف الفعل إليه ، لأنه السبب . وفي هاء (عنها) ثلاثة أقوال: أحدها: أنها تعود إلى الجنة . والثاني: ترجع إلى الطاعة . والثالث: ترجع إلى الشجرة . فمعناه: فأزلهما بزلة صدرت عن الشجرة .
وفي كيفية إزلاله لهما ، ثلاثة أقوال . أحدها: أنه احتال حتى دخل إليهما الجنة ، وكان الذي أدخله الحية ، قاله ابن عباس ، والثاني: أنه وقف على باب الجنة ، وناداهما ، قاله والسدي . والثالث: أنه وسوس إليهما ، وأوقع في نفوسهما من غير مخاطبة [ ص: 68 ] ولا مشاهدة ، قاله الحسن . وفيه بعد . قال ابن إسحاق ، الأجود: أن يكون خاطبها ، لقوله: الزجاج: (وقاسمهما) .
واختلف العلماء في معصية آدم بالأكل ، فقال قوم: إنه نهي عن شجرة بعينها ، فأكل من جنسها . وقال آخرون: تأول الكراهة في النهي دون التحريم .