قوله تعالى: فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم .
تلقى: بمعنى أخذ ، وقبل . قال كأن الله تعالى أوحى إليه أن يستغفره [وسيتقبله ] بكلام من عنده ، ففعل [ذلك ابن قتيبة: آدم ] فتاب عليه . وقرأ " فتلقى آدم " بالنصب ، " كلمات " : بالرفع; على أن الكلمات هي الفاعلة . ابن كثير:
وفي الكلمات أقوال .
أحدها: أنها قوله تعالى: ربنا ظلمنا أنفسنا ، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين [ الأعراف: 23 ] . قاله ابن عباس ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعطاء الخراساني ، وعبيد بن عمير ، وأبي بن كعب ، وابن زيد .
والثاني: أنه قال: أي: رب; ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى . قال: ألم تنفخ في من روحك؟ قال: بلى ، قال: ألم تسبق رحمتك إلي قبل غضبك؟ قال: بلى . قال: ألم [ ص: 70 ] تسجد لي ملائكتك ، وتسكني جنتك؟ قال: بلى . قال: أي: رب [أرأيت ] إن تبت وأصلحت ، أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم . حكاه عن السدي ابن عباس .
والثالث: أنه قال: اللهم لا إله إلا أنت ، سبحانك وبحمدك ، رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي ، إنك خير الغافرين ، اللهم لا إله إلا أنت ، سبحانك وبحمدك ، رب إني ظلمت نفسي فارحمني ، فأنت خير الراحمين ، [اللهم ] لا إله إلا أنت ، سبحانك وبحمدك ، رب إني ظلمت نفسي فتب علي ، إنك أنت التواب الرحيم . رواه عن ابن أبي نجيح وقد ذكرت أقوال من كلمات الاعتذار تقارب هذا المعنى . مجاهد
قوله تعالى: فتاب عليه .
أصل التوبة: الرجوع ، آدم: رجوعه عن المعصية ، وهي من الله تعالى: رجوعه عليه بالرحمة ، والثواب الذي كلما تكررت توبة العبد تكرر قبوله ، وإنما لم تذكر فالتوبة من حواء في التوبة ، لأنه لم يجر لها ذكر ، لا أن توبتها لم تقبل . وقال قوم: إذا كان معنى فعل الاثنين واحدا; جاز أن يذكر أحدهما ويكون المعنى لهما ، كقوله تعالى: والله ورسوله أحق أن يرضوه [ التوبة: 63 ] وقوله: فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى [ طه: 117 ] .