أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون [ ص: 286 ] قوله تعالى: أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم فاتبعنا منهاجهم على جهل منا بآلهيتك أفتهلكنا بما فعل المبطلون في دعواهم أن معك إلها ، فقطع الله احتجاجهم بمثل هذا ، إذ أذكرهم أخذ الميثاق على كل واحد منهم . وجماعة أهل العلم على ما شرحنا من أنه استنطق الذر ، وركب فيهم عقولا وأفهاما عرفوا بها ما عرض عليهم . وقد ذكر بعضهم أن معنى أخذ الذرية: إخراجهم إلى الدنيا بعد كونهم نطفا ، ومعنى إشهادهم على أنفسهم: اضطرارهم إلى العلم بأنه خالقهم بما أظهر لهم من الآيات والبراهين . ولما عرفوا ذلك ودعاهم كل ما يرون ويشاهدون إلى التصديق ، كانوا بمنزلة الشاهدين والمشهدين على أنفسهم بصحته ، كما قال: شاهدين على أنفسهم بالكفر [التوبة:17] يريدهم بمنزلة الشاهدين ، وإن لم يقولوا: نحن كفرة ، كما يقول الرجل: قد شهدت جوارحي بصدقك ، أي: قد عرفته . ومن هذا الباب قوله: شهد الله [آل عمران:19] أي: بين وأعلم وقد حكى نحو هذا القول ابن الأنباري ، والأول أصح ، لموافقة الآثار .