القول في تأويل قوله تعالى :
[ 69 ]
nindex.php?page=treesubj&link=30515_30539_30550_30551_30563_30564_32016_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كالذين من قبلكم أي : أنتم مثل الذين أو فعلتم مثلهم ، أي : ممن أنعم عليهم
[ ص: 3198 ] ثم عذبوا ، والالتفات من الغيبة إلى الخطاب للتشديد
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كانوا أشد منكم قوة في أنفسهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69وأكثر أموالا أي : تفيدهم مزيد قوة ، ومنافع جمة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69وأولادا أي : تفيدهم مزيد قوة لا تفوت بفوات المال ، ومنافع أخر
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69فاستمتعوا بخلاقهم أي : انتفعوا بنصيبهم ، ثم أعطاكم أيها المنافقون أقل مما أعطاهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أي : دخلتم في الباطل ، كالخوض الذي خاضوه ، أو كالفوج الذي خاضوا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة أي : لم يستحقوا عليها ثوابا في الدارين ، أما في الآخرة فظاهر ، وأما في الدنيا فما لهم من الذل والهوان وغير ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69وأولئك هم الخاسرون أي : الذين خسروا الدارين .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=688835« والذي نفسي بيده ! لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، وباعا بباع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه » . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ أهل الكتاب ؟ قال : « فمن ؟ » وفي رواية قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة :
« اقرءوا إن شئتم القرآن » : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كالذين من قبلكم الآية ـ قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : الخلاق : الدين ـ قالوا : يا رسول الله ! كما صنعت فارس والروم ؟ قال : « فهل الناس إلا هم » ؟ وهذا الحديث له شاهد في الصحيح - أفاده
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير - .
لطيفة :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : أي فائدة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69فاستمتعوا بخلاقهم ؟ وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم مغن منه ، كما أغنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كالذي خاضوا عن
[ ص: 3199 ] أن يقال : وخاضوا فخضتم كالذي خاضوا ؟ قلت : فائدته أن يذم الأولين بالاستمتاع بما أوتوا من حظوظ الدنيا ، ورضاهم بها ، والتهائهم بشهواتهم الفانية عن النظر في العاقبة ، وطلب الفلاح في الآخرة ، وأن يخسس أمر الاستمتاع ، ويهجن أمر الراضي به ، ثم يشبه بعد ذلك حال المخاطبين بحالهم ، كما تريد أن تنبه بعض الظلمة على سماحة فعله فتقول : أنت مثل
فرعون ، كان يقتل بغير جرم ، ويعذب ويعسف ، وأنت تفعل مثل فعله . وأما :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69وخضتم كالذي خاضوا فمعطوف على ما قبله مستند إليه ، مستغن باستناده إليه ، عن تلك التقدمة .
ثم وعظ تعالى المنافقين بقوله :
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
[ 69 ]
nindex.php?page=treesubj&link=30515_30539_30550_30551_30563_30564_32016_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالا وَأَوْلادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَيْ : أَنْتُمْ مَثَلُ الَّذِينَ أَوْ فَعَلْتُمْ مِثْلَهُمْ ، أَيْ : مِمَّنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ
[ ص: 3198 ] ثُمَّ عُذِّبُوا ، وَالِالْتِفَاتُ مِنَ الْغِيبَةِ إِلَى الْخِطَابِ لِلتَّشْدِيدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً فِي أَنْفُسِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69وَأَكْثَرَ أَمْوَالا أَيْ : تُفِيدُهُمْ مَزِيدَ قُوَّةٍ ، وَمَنَافِعَ جَمَّةً
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69وَأَوْلادًا أَيْ : تُفِيدُهُمْ مَزِيدَ قُوَّةٍ لَا تَفُوتُ بِفَوَاتِ الْمَالِ ، وَمَنَافِعَ أُخَرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ أَيِ : انْتَفَعُوا بِنَصِيبِهِمْ ، ثُمَّ أَعْطَاكُمْ أَيُّهَا الْمُنَافِقُونَ أَقَلَّ مِمَّا أَعْطَاهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أَيْ : دَخَلْتُمْ فِي الْبَاطِلِ ، كَالْخَوْضِ الَّذِي خَاضُوهُ ، أَوْ كَالْفَوْجِ الَّذِي خَاضُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ أَيْ : لَمْ يَسْتَحِقُّوا عَلَيْهَا ثَوَابًا فِي الدَّارَيْنِ ، أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَمَا لَهُمْ مِنَ الذُّلِّ وَالْهَوَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ أَيِ : الَّذِينَ خَسِرُوا الدَّارَيْنِ .
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=688835« وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ! لَتَّتَبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ ، وَبَاعًا بِبَاعٍ ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ » . قَالُوا : وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ أَهْلُ الْكِتَابِ ؟ قَالَ : « فَمَنْ ؟ » وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ :
« اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمُ الْقُرْآنَ » : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ الْآيَةَ ـ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : الْخَلَاقُ : الدِّينُ ـ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! كَمَا صَنَعَتْ فَارِسُ وَالرُّومُ ؟ قَالَ : « فَهَلِ النَّاسُ إِلَّا هُمْ » ؟ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحِ - أَفَادَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ - .
لَطِيفَةٌ :
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : أَيُّ فَائِدَةٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ ؟ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ مُغْنٍ مِنْهُ ، كَمَا أَغْنَى قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69كَالَّذِي خَاضُوا عَنْ
[ ص: 3199 ] أَنْ يُقَالَ : وَخَاضُوا فَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ؟ قُلْتُ : فَائِدَتُهُ أَنْ يَذُمَّ الْأَوَّلِينَ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِمَا أُوتُوا مِنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا ، وَرِضَاهُمْ بِهَا ، وَالْتِهَائِهِمْ بِشَهَوَاتِهِمُ الْفَانِيَةِ عَنِ النَّظَرِ فِي الْعَاقِبَةِ ، وَطَلَبِ الْفَلَاحِ فِي الْآخِرَةِ ، وَأَنْ يُخَسِّسَ أَمْرَ الِاسْتِمْتَاعِ ، وَيُهَجِّنَ أَمْرَ الرَّاضِي بِهِ ، ثُمَّ يُشَبِّهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَالَ الْمُخَاطَبِينَ بِحَالِهِمْ ، كَمَا تُرِيدُ أَنَّ تَنَبِّهَ بَعْضَ الظَّلَمَةِ عَلَى سَمَاحَةِ فِعْلِهِ فَتَقُولُ : أَنْتَ مِثْلُ
فِرْعَوْنَ ، كَانَ يَقْتُلُ بِغَيْرِ جُرْمٍ ، وَيُعَذِّبُ وَيَعْسِفُ ، وَأَنْتَ تَفْعَلُ مِثْلَ فِعْلِهِ . وَأَمَّا :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=69وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا فَمَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُسْتَنِدٌ إِلَيْهِ ، مُسْتَغْنٍ بِاسْتِنَادِهِ إِلَيْهِ ، عَنْ تِلْكَ التَّقْدِمَةِ .
ثُمَّ وَعَظَ تَعَالَى الْمُنَافِقِينَ بِقَوْلِهِ :