القول في تأويل قوله تعالى:
[ 107 ] وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم
وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم لما نهى تعالى عن عبادة الأوثان، ووصفها بأنها لا تنفع ولا تضر، بين أنه سبحانه هو الضار النافع، الذي إن أصاب بضر لم يقدر على كشفه إلا هو وحده، دون كل أحد، فكيف بالجماد الذي لا شعور به؟! وكذلك إن أراد بخير لم يرد أحد ما يريده من فضله وإحسانه، فكيف بالأوثان؟! فهو الحقيقي، إذا بأن توجه إليه العبادة دونها.
لطائف:
قيل: ذكر المس في أحدهما، والإرادة في الثاني، للإشارة إلى أنهما متلازمان، فما يريده يصيبه، وما يصيبه لا يكون إلا بإرادته، لكنه صرح في كل منهما بأحد الأمرين ; إشارة إلى أن الخير مقصود بالذات له تعالى، والضر إنما وقع جزاء لهم على أعمالهم، وليس مقصودا بالذات، فلذا لم يعبر فيه بالإرادة.
[ ص: 3405 ] وقيل: قصد الإيجاز، فذكر في كل من الفقرتين المتقابلتين ما يدل على إرادة مثله في الأخرى لاقتضاء المقام تأكيد كل من الترغيب والترهيب، وهو نوع من البديع يسمى احتباكا.
قال أبو السعود: على أنه قد صرح بالإصابة حيث قيل (يصيب به) إظهارا لكمال العناية بجانب الخير، كما ينبئ عنه ترك الاستثناء فيه، أي: يصيب بفضله الواسع المنتظم لما أرادك به من الخير.
روى عن ابن عساكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنس « اطلبوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفخات ربكم، فإن لله نفخات من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده، واسألوه أن يستر عوراتكم، ويؤمن روعاتكم » . ورواه عن بمثله. أبي هريرة
وقوله تعالى: