الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 38 ] ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية أي: مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم، وهو رد لقولهم: لو كان نبيا لكان من جنس الملائكة كما قالوا: مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق وإعلام بأن ذلك سنة كثير من الرسل، فما جاز في حقهم لم لا يجوز في حقه؟ وقد قال تعالى له: قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله أي: ما صح له ولا استقام ولم يكن في وسعه أن يأتي بما يقترح عليه، إلا بإرادته تعالى في وقته; لأن الآيات معينة بإزاء الأوقات التي تحدث فيها، من غير تغير وتبدل وتقدم وتأخر. فأمرها منوط بمشيئته تعالى، المبنية على الحكم والمصالح التي عليها يدور أمر الكائنات لكل أجل كتاب أي لكل وقت من الأوقات أمر مكتوب، مقدر معين أو مفروض في ذلك الوقت على الخلق حسبما تقتضيه الحكمة، فالشرائع معينة عند الله بحسب الأوقات، في كل وقت يأتي، بما هو صلاح ذلك الوقت، رسول من عنده. وكذا جميع الحوادث من الآيات [ ص: 3688 ] وغيرها، فليس الأمر على إرادة الكفار واقتراحاتهم، بل على حسب ما يشاؤه تعالى ويختاره، وفيه رد لاستعجالهم الآجال وإتيان الخوارق والعذاب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية