القول في تأويل قوله تعالى :
[ 13 - 14 ] وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد .
ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد يخبر تعالى عما توعد به الكافرون رسلهم ، لما رأوهم صابرين متوكلين ، لا يهمهم شأنهم من الإخراج من الأرض ، والنفي من بين أظهرهم ، أو العود في ملتهم . والمعنى : ليكونن أحد الأمرين .
والسبب في هذا التوعد - كما قال الرازي - أن أهل الحق في كل زمان يكونون قليلين ، وأهل الباطل يكونون كثيرين . والظلمة والفسقة يكونون متعاونين متعاضدين . فلهذه الأسباب قدروا على هذه السفاهة . فإن قيل : يتوهم من لفظ (العود ) أنهم كانوا في ملة الكفر قبل ! أجيب : بأن ( عاد) بمعنى صار . وهو كثير الاستعمال بهذا المعنى ، أو الكلام على ظنهم وزعمهم [ ص: 3718 ] أنهم كانوا من أهل ملتهم قبل إظهار الدعوة . أو الخطاب للرسل ولقومهم ، فغلبوا عليهم في نسبة العود إليهم .
وقوله تعالى : فأوحى إليهم ربهم إلخ وعد صادق للرسل ، وبشارة حقة . كما قال تعالى : ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون وقال تعالى : وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها والآيات في ذلك كثيرة . والإشارة في (ذلك) إلى الموحى به وهو إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين . وقوله : لمن خاف إلخ ، أي : للمتقين ; لأنهم الموصوفون بما ذكر كقوله : والعاقبة للمتقين و (المقام) إما موقف الحساب ، فهو اسم مكان ، وإضافته إليه سبحانه لكونه بين يديه ، أو مصدر ميمي ، بمعنى : حفظي وقيامي لأعمالهم ليجازوا عليها . أو مقحم للتفخيم والتعظيم كما يقال : المقام العالي . وياء المتكلم في (وعيد) محذوفة للاكتفاء بالكسرة عنها في غير الوقف .
قال أثبت الياء هنا وفي (ق) في موضعين : السمين: كل كذب الرسل فحق وعيد فذكر بالقرآن من يخاف وعيد وصلا ، وحذفها وقفا ورش عن . وحذفها الباقون وصلا ووقفا . نافع
وقوله تعالى :