القول في تأويل قوله تعالى :
[26] ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار .
ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت أي : استؤصلت وأخذت جثتها بالكلية : من فوق الأرض أي : لأن عروقها قريبة منه : ما لها من قرار أي : استقرار .
تنبيه :
لحظ في الممثل به - أعني الشجرة - أوصاف جليلة لتلحظ في جانب الممثل له . فمنها : كونها طيبة ، أعم من طيب المنظر والصورة والشكل ومن طيب الريح وطيب الثمرة وطيب المنفعة . وكون أصلها ثابتا أي : راسخا باقيا في أمن من الانقلاع والانقطاع والزوال والفناء ليعظم الفرح به والسرور . وكون فرعها في السماء فدل على كمال حال تلك الشجرة من جهة ارتفاع أغصانها وقوتها في التصاعد ، مما يبرهن على ثبات الأصل ورسوخ العروق ، وجهة بعدها عن العفونات والأقذار فتكون ثمرتها نقية طاهرة طيبة عن جميع الشوائب ، وكون ثمرتها تجتنى كل حين فلا تنقطع بركاتها وخيراتها . ولا ريب أن وجود هذه الأوصاف مما يدل على فخامة الموصوف وإنافة فضله . ولا تخفى مطابقة هذا الممثل به للممثل له - أعني الحق - وهو الإسلام الذي جاء به خاتم الأنبياء عليهم السلام .
ولما كان المثل مضروبا للحق والباطل في الثبات وعدمه ، والقصد أهلهما ; صرح بهما فذلك له ، فقال في أهل المثل الأول :
[ ص: 3728 ]