الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [3-6] خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون .

                                                                                                                                                                                                                                      خلق السماوات والأرض بالحق أي : بالحكمة ، كما تقدم : تعالى عما يشركون خلق الإنسان من نطفة أي : مهينة ضعيفة : فإذا هو بعد تكامله بشرا : خصيم مبين أي : مخاصم لخالقه مجادل ، يجحد وحدانيته ويحارب رسله . وهو إنما خلق ليكون عبدا لا ضدا.

                                                                                                                                                                                                                                      والأنعام خلقها لكم أي : لمصالحكم ، وهي الأزواج الثمانية المفصلة في سورة الأنعام .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزمخشري : وأكثر ما تقع على الإبل .

                                                                                                                                                                                                                                      فيها دفء أي: ما يدفئ ، أي : يسخن به من صوف أو وبر أو شعر ، فيقي البرد ومنافع أي : من نسلها ودرها وركوب ظهرها : ومنها تأكلون ولكم فيها جمال أي : زينة : حين تريحون أي : تردونها من مراعيها إلى مراحها ( بضم الميم ) وهو مقرها في دور أهلها بالعشي : وحين تسرحون أي : تخرجونها بالغداة إلى المراعي .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزمخشري : من الله بالتجمل بها كما من بالانتفاع بها ; لأنه من أغراض أصحاب المواشي ، بل هو من معاظمها ; لأن الرعيان ، إذا روحوها بالعشي ، وسرحوها بالغداة ، فزينت بإراحتها وتسريحها الأفنية، وتجاوب فيها الثغاء والرغاء ; أنست أهلها وفرحت أربابها ، وأجلتهم في عيون الناظرين إليها ، وكسبتهم الجاه والحرمة عند الناس . ونحوه : لتركبوها وزينة يواري سوآتكم وريشا

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3780 ] فإن قلت : لم قدمت الإراحة على التسريح ؟ قلت : لأن الجمال في الإراحة أظهر ، إذا أقبلت ، ملأى البطون ، حافلة الضروع ، ثم أوت إلى الحظائر لأهلها . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أشار إلى فائدة جامعة للحاجة والزينة فقال :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية