القول في تأويل قوله تعالى :
[39-40] ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون .
ليبين لهم الذي يختلفون فيه وهو الحق ، وأنهم كانوا على الضلالة قبله : وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين أي : في أباطيلهم . لا سيما في إيمانهم بعدم البعث . ولذا تقول لهم الزبانية يوم القيامة : هذه النار التي كنتم بها تكذبون ثم بين عظيم قدرته ، وأنه لا يعجزه شيء ما ، بقوله سبحانه :
إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون أي: فيوجد على ما شاء تكوينه ، كقوله تعالى : وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر وقوله : ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة
قال : (قولنا ) مبتدأ ، و ( أن نقول) خبره ، و (كن فيكون) من (كان) التامة التي بمعنى الحدوث والوجود . أي : إذا أردنا وجود شيء فليس إلا أن نقول له : احدث ، فهو يحدث عقيب ذلك ، لا يتوقف. وهذا مثل; لأن مرادا لا يمتنع عليه، وأن وجوده عند إرادته تعالى غير متوقف ، كوجود المأمور به عند أمر الآمر المطاع إذا ورد على المأمور المطيع الممتثل . ولا قول ثم . والمعنى : إن إيجاد كل مقدور على الله تعالى بهذه السهولة . فكيف يمتنع عليه البعث الذي هو في شق المقدورات ؟ . انتهى . الزمخشري
قال الشهاب : فسقط ما قيل : إن ( كن ) إن كان خطابا مع المعدوم فهو محال . وإن كان مع الموجود كان إيجادا للموجود . وفي الآية كلام لطيف مضى في سورة البقرة . فارجع إليه .
ثم أخبر تعالى عن جزائه للمهاجرين الذين فارقوا الدار والأهل والخلان ; رجاء ثوابه وابتغاء مرضاته ، بقوله :
[ ص: 3811 ]