ثم بين تعالى من مثالب المشركين بقوله : 
القول في تأويل قوله تعالى : 
[56-57] ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون   ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون    . 
ويجعلون لما لا يعلمون  أي : لآلهتهم التي لا علم لها ؛ لأنها جماد : نصيبا مما رزقناهم  أي : من الزرع والأنعام وغيرهما تقربا إليها : تالله لتسألن عما كنتم تفترون  أي : من أنها آلهة يتقرب إليها . ومر نظير الآية في سورة الأنعام في قوله سبحانه : وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا  الآية ، فانظر تفصيلها ثمة . 
ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون  هذا بيان لعظيمة من عظائمهم ، وهو جعلهم الملائكة الذين هم عباد الرحمن بنات لله ، فنسبوا له تعالى ولدا ولا ولد له . واجترءوا على التفوه بمثل ذلك ، وعلى نسبة أدنى القسمين له من الأولاد ، وهو البنات ، وهم لا يرضونها لأنفسهم ؛ لأنهم يشتهون الذكور ، أي : يختارونهم لأنفسهم ويأنفون من البنات . وقد نزه مقامه الأقدس عن ذلك بقوله : سبحانه  أي : عن إفكهم وقولهم . وفيه تعجب من جراءتهم على التفوه بهذا المنكر من القول ، ومن مقاسمتهم لجلاله بالاستئثار كما قال سبحانه : ألكم الذكر وله الأنثى  تلك إذا  [ ص: 3819 ] قسمة ضيزى  وقال تعالى : ألا إنهم من إفكهم ليقولون  ولد الله وإنهم لكاذبون  أصطفى البنات على البنين  ما لكم كيف تحكمون  ثم أشار إلى شدة كراهتهم للإناث ، بما يمثل عظم تلك النسبة إلى الجناب الأقدس وفظاعتها ، بقوله سبحانه وتعالى : 
				
						
						
