القول في تأويل قوله تعالى :
[58-59] وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون .
وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه أي : صار أو دام النهار كله : مسودا أي : متغيرا من الغم والحزن والغيظ والكراهية التي حصلت له عند هذه البشارة . وسواد الوجه وبياضه يعبر عن المساءة والمسرة ، كناية أو مجازا وهو كظيم أي : مشتد الغيظ على امرأته ؛ لأنه بزعمه ، حصل له منها ما يوجب أشد الحياء ، حتى أنه : يتوارى من القوم أي : يستخفي منهم : من سوء ما بشر به أي : من أجله وخوف التعيير به . ثم يفكر فيما يصنع به ، وهو قوله تعالى : أيمسكه على هون أي : محدثا نفسه متفكرا في أن يتركه على هوان وذل ، لا يورثه ولا يعتني به ، ويفضل ذكور ولده عليه : أم يدسه في التراب أي : يخفيه ويدفنه فيه حيا : ألا ساء ما يحكمون أي : حيث يجعلون الولد الذي هذا شأنه من الحقارة والهون عندهم ، لله تعالى وتقدس ، ويجعلون لأنفسهم من هو على عكس هذا الوصف . وقوله تعالى :