ثم بين تعالى ، بقوله : أدب الدعوة إلى دينه الحق
[ ص: 3877 ] القول في تأويل قوله تعالى :
[125] ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين .
ادع إلى سبيل ربك بالحكمة أي : بالمقالة المحكمة الصحيحة . وهو الدليل الموضح للحق ، المزيح للشبهة : والموعظة الحسنة أي : العبر اللطيفة والوقائع المخيفة ، ليحذروا بأسه تعالى : وجادلهم بالتي هي أحسن أي : جادل معانديهم بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة ، من الرفق واللين ، وحسن الخطاب ، من غير عنف ، فإن ذلك أبلغ في تسكين لهبهم . وقوله تعالى : إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين أي : عليك البلاغ والدعوة بالصفة المبينة ، فلا تذهب نفسك على من ضل منهم حسرات ، فإنه ليس عليك هداهم ؛ لأنه هو أعلم بمن يبقى على الضلال وبمن يهتدي إليه ، فيجازي كلا منهما بما يستحقه . أو المعنى : اسلك في الدعوة والمناظرة الطريقة المذكورة . فإن الله تعالى هو أعلم بحال من لا يرعوي عن الضلال بموجب استعداده المكتسب . وبحال من يصير أمره إلى الاهتداء لما فيه من خير جبلي . فما شرعه لك في الدعوة ، هو الذي تقتضيه الحكمة . فإنه كاف في هداية المهتدين وإزالة عذر الضالين . أفاده أبو السعود .
تنبيه :
دل قوله تعالى : وجادلهم بالتي هي أحسن على الحث على الإنصاف في المناظرة ، واتباع الحق ، والرفق والمداراة ، على وجه يظهر منه أن القصد إثبات الحق وإزهاق الباطل ، وأن لا غرض سواه .
وقوله تعالى :
[ ص: 3878 ]