[127-128] واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون .
واصبر وما صبرك إلا بالله أي : بمعونته وتوفيقه : ولا تحزن عليهم أي : على الكافرين ، أي : على كفرهم وعدم هدايتهم : ولا تك في ضيق مما يمكرون أي : في ضيق صدر مما يمكرون من فنون المكايد
إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون تعليل لما قبله . أي : فإنه تعالى كافيك وناصرك ومؤيدك ومظفرك بهم ؛ لأنه تعالى مع المتقين والمحسنين بالمعونة والنصر والتأييد ، فيحفظهم ويكلؤهم ويظهرهم على أعدائهم . قال : [ ص: 3881 ] هذه معية خاصة كقوله تعالى : ابن كثير إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا وقوله لموسى وهارون : لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى وأما المعية العامة فالسمع والبصر والعلم كقوله تعالى : وهو معكم أين ما كنتم وقوله : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا
قال أبو السعود : تكرير الموصول للإيذان بكفاية كل من الصلتين في ولايته سبحانه ، من غير أن تكون إحداهما تتمة للأخرى . وإيراد الأولى فعلية للدلالة على الحدوث . كما أن إيراد الثانية اسمية لإفادة كون مضمونها شيمة راسخة فيهم . وتقديم التقوى على الإحسان لما أن التخلية متقدمة على التحلية . والمراد بالموصولين إما جنس المتقين والمحسنين ، وهو صلى الله عليه وسلم داخل في زمرتهم دخولا أوليا . وإما هو صلى الله عليه وسلم ومن شايعه . عبر عنهم بذلك ، مدحا لهم وثناء عليهم بالنعتين الجميلين . وفيه رمز إلى أن ، كقول من قال صنيعه صلى الله عليه وسلم مستتبع لاقتداء الأمة به رضي الله عنهما ، عند التعزية بأبيه لابن عباس : العباس
اصبر نكن بك صابرين فإنما صبر الرعية عند صبر الرأس
وبعد هذا البيت :
خير من أجرك بعده والله خير منك العباس للعباس
قال : ما عزاني أحد من تعزيته . ابن عباس
وعن هرم بن حيان أنه قيل له حين الاحتضار : أوص . قال : إنما الوصية من المال ، فلا مال لي . وأوصيكم بخواتيم سورة النحل . . .