[ ص: 492 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[197]
nindex.php?page=treesubj&link=19860_19863_19995_30497_3280_3295_34091_3466_3471_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الحج أي: أوقات أعماله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197أشهر وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة. أي: عشره الأول. نزل منزلة الكل لغاية فضله.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13967الثعالبي: وقد جاء في تفسير
nindex.php?page=treesubj&link=3280أشهر الحج وعشر ذي الحجة - وفي بعضها تسع - فمن عبر بالتسع أراد الأيام، ومن عبر بالعشر أراد الليالي، ولقوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=842657« الحج عرفة » . وقد تبينت أنه يفوت الوقوف بطلوع الفجر.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197معلومات أي: قبل نزول الشرع عند الناس، لا يشكلن عليهم. وآذن هذا أن الأمر بعد الشرع على ما كان عليه:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فمن فرض أي: أوجب على نفسه:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فيهن الحج بإحرامه:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فلا رفث أي: فمقتضى إحرامه أن لا يوجد جماع ولا مقدماته ولا فحش من القول:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197ولا فسوق أي: خروج عن حدود الشريعة بارتكاب محظورات الإحرام، وغيرها كالسباب والتنابز بالألقاب:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197ولا جدال أي: مماراة أحد من الرفقة والخدم والمكارين:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197في الحج أي: في أيامه، بل ينبغي أن يوجد فيها كل خير من خيرات الحج، والإظهار في مقام الإضمار لإظهار كمال الاعتناء بشأنه، والإشعار بعلة عدم الحكم ; فإن زيارة
البيت المعظم، والتقرب بها إلى الله عز وجل، من موجبات ترك الأمور المذكورة، وإيثار النفي للمبالغة في النهي ; والدلالة على أن ذلك حقيق بأن لا يكون، فإن ما كان منكرا مستقبحا في نفسه، ففي تضاعيف الحج أقبح: كلبس الحرير في الصلاة.
لطيفة:
قال بعضهم: النكتة في منع هذه الأشياء على أنها آداب لسانية: تعظيم شأن
الحرم، [ ص: 493 ] وتغليظ أمر الإثم فيه، إذ الأعمال تختلف باختلاف الزمان والمكان، فللملأ آداب غير آداب الخلوة مع الأهل. ويقال في مجلس الإخوان ما لا يقال في مجلس السلطان. ويجب أن يكون المرء في أوقات العبادة والحضور مع الله تعالى على أكمل الآداب، وأفضل الأحوال، وناهيك بالحضور في
البيت الذي نسبه الله سبحانه إليه..! وأما السر فيها على أنها محرمات الإحرام، فهو أن يتمثل الحاج أنه بزيارته
لبيت الله تعالى مقبل على الله تعالى، قاصد له، فيتجرد عن عاداته ونعيمه، وينسلخ من مفاخره ومميزاته على غيره، بحيث يساوي الغني الفقير، ويماثل الصعلوك الأمير، فيكون الناس من جميع الطبقات في زي كزي الأموات، وفي ذلك - من تصفية النفس، وتهذيبها، وإشعارها بحقيقة العبودية لله، والأخوة للناس - ما لا يقدر قدره، وإن كان لا يخفى أمره...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وما تفعلوا من خير يعلمه الله حث على الخير عقيب النهي عن الشر، وأن يستعملوا مكان القبيح من الكلام الحسن، ومكان الفسوق البر والتقوى، ومكان الجدال الوفاق والأخلاق الجميلة..! وقد روي فيمن حج ولم يرفث ولم يفسق أنه يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه! وذلك، لأن الإقبال على الله تعالى بتلك الهيئة، والتقلب في تلك المناسك على الوجه المشروع، يمحو من النفوس آثار الذنوب وظلمتها. ويدخلها في حياة جديدة: لها فيها ما كسبت، وعليها ما اكتسبت..!:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وتزودوا فإن خير الزاد التقوى [ ص: 494 ] روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أهل
اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن المتوكلون! فإذا قدموا
مكة سألوا الناس، فأنزل الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وتزودوا فإن خير الزاد التقوى
أي: وتزودوا ما تتبلغون به وتكفون به وجوهكم عن الناس، واتقوا الاستطعام وإبرام الناس والتثقيل عليهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فإن خير الزاد التقوى أي: الاتقاء عن الإبرام والتثقيل عليهم..!.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: إن من كرم الرجل طيب زاده في السفر. وكان يشترط على من صحبه الجودة.. نقله
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير.
ويقال: في معنى الآية: وتزودوا من التقوى للمعاد. فإن الإنسان لا بد له من سفر في الدنيا، ولا بد فيه من زاد، ويحتاج فيه إلى الطعام والشراب والمركب ; وسفر من الدنيا إلى الآخرة، ولا بد فيه من زاد أيضا وهو تقوى الله، والعمل بطاعته، واتقاء المحظورات..! وهذا الزاد أفضل من الزاد الأول، فإن زاد الدنيا يوصل إلى مراد النفس وشهواتها، وزاد الآخرة يوصل إلى النعيم المقيم في الآخرة..! وفي هذا المعنى قال
الأعشى: إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله
وأنك لم ترصد لما كان أرصدا..!
وثمة وجه آخر: وهو أن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وتزودوا أمر باتخاذ الزاد، هو طعام السفر، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فإن خير الزاد التقوى إرشاد إلى زاد الآخرة، وهو استصحاب التقوى إليها بعد
[ ص: 495 ] الأمر بالزاد للسفر في الدنيا، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=26وريشا ولباس التقوى ذلك خير لما ذكر اللباس الحسي نبه مرشدا إلى اللباس المعنوي وهو الخشوع والطاعة، وذكر أنه خير من هذا وأنفع.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197واتقون يا أولي الألباب أي: اتقوا عقابي وعذابي في مخالفتي وعصياني يا ذوي العقول والأفهام! فإن قضية اللب تقوى الله، ومن لم يتقه من الألباء فكأنه لا لب له..! كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179أولئك كالأنعام بل هم أضل
وقد قرئ بإثبات الياء في: {اتقون } على الأصل، وبحذفها للتخفيف ودلالة الكسرة عليه.
[ ص: 492 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[197]
nindex.php?page=treesubj&link=19860_19863_19995_30497_3280_3295_34091_3466_3471_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الْحَجُّ أَيْ: أَوْقَاتُ أَعْمَالِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197أَشْهُرٌ وَهِيَ: شَوَّالُ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ. أَيْ: عُشْرُهُ الْأَوَّلُ. نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْكُلِّ لِغَايَةِ فَضْلِهِ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13967الثَّعَالِبِيُّ: وَقَدْ جَاءَ فِي تَفْسِيرِ
nindex.php?page=treesubj&link=3280أَشْهُرِ الْحَجِّ وَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ - وَفِي بَعْضِهَا تِسْعٌ - فَمَنْ عَبَّرَ بِالتِّسْعِ أَرَادَ الْأَيَّامَ، وَمَنْ عَبَّرَ بِالْعَشْرِ أَرَادَ اللَّيَالِيَ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=842657« الْحَجُّ عَرَفَةُ » . وَقَدْ تَبَيَّنْتُ أَنَّهُ يَفُوتُ الْوُقُوفُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197مَعْلُومَاتٌ أَيْ: قَبْلَ نُزُولِ الشَّرْعِ عِنْدَ النَّاسِ، لَا يَشْكُلْنَ عَلَيْهِمْ. وَآذَنَ هَذَا أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ الشَّرْعِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فَمَنْ فَرَضَ أَيْ: أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فِيهِنَّ الْحَجَّ بِإِحْرَامِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فَلا رَفَثَ أَيْ: فَمُقْتَضَى إِحْرَامِهِ أَنْ لَا يُوجَدَ جِمَاعٌ وَلَا مُقَدَّمَاتُهُ وَلَا فُحْشَ مِنَ الْقَوْلِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وَلا فُسُوقَ أَيْ: خُرُوجٌ عَنْ حُدُودِ الشَّرِيعَةِ بِارْتِكَابِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ، وَغَيْرِهَا كَالسِّبَابِ وَالتَّنَابُزِ بِالْأَلْقَابِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وَلا جِدَالَ أَيْ: مُمَارَاةَ أَحَدٍ مِنَ الرُّفْقَةِ وَالْخَدَمِ وَالْمَكَّارِينَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فِي الْحَجِّ أَيْ: فِي أَيَّامِهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُوجَدَ فِيهَا كُلُّ خَيْرٍ مِنْ خَيْرَاتِ الْحَجِّ، وَالْإِظْهَارُ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِإِظْهَارِ كَمَالِ الِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِ، وَالْإِشْعَارِ بِعِلَّةِ عَدَمِ الْحُكْمِ ; فَإِنَّ زِيَارَةَ
الْبَيْتِ الْمُعَظَّمِ، وَالتَّقَرُّبَ بِهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ مُوجِبَاتِ تَرْكِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِيثَارُ النَّفْيِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي النَّهْيِ ; وَالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَقِيقٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ، فَإِنَّ مَا كَانَ مُنْكَرًا مُسْتَقْبَحًا فِي نَفْسِهِ، فَفِي تَضَاعِيفِ الْحَجِّ أَقْبَحُ: كَلَبْسِ الْحَرِيرِ فِي الصَّلَاةِ.
لَطِيفَةٌ:
قَالَ بَعْضُهُمُ: النُّكْتَةُ فِي مَنْعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى أَنَّهَا آدَابٌ لِسَانِيَّةٌ: تَعْظِيمُ شَأْنِ
الْحَرَمِ، [ ص: 493 ] وَتَغْلِيظُ أَمْرِ الْإِثْمِ فِيهِ، إِذِ الْأَعْمَالُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَلِلْمَلَأِ آدَابٌ غَيْرُ آدَابِ الْخَلْوَةِ مَعَ الْأَهْلِ. وَيُقَالُ فِي مَجْلِسِ الْإِخْوَانِ مَا لَا يُقَالُ فِي مَجْلِسِ السُّلْطَانِ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْءُ فِي أَوْقَاتِ الْعِبَادَةِ وَالْحُضُورِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَكْمَلِ الْآدَابِ، وَأَفْضَلِ الْأَحْوَالِ، وَنَاهِيكَ بِالْحُضُورِ فِي
الْبَيْتِ الَّذِي نَسَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَيْهِ..! وَأَمَّا السِّرُّ فِيهَا عَلَى أَنَّهَا مُحَرَّمَاتُ الْإِحْرَامِ، فَهُوَ أَنْ يَتَمَثَّلَ الْحَاجُّ أَنَّهُ بِزِيَارَتِهِ
لِبَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى مُقْبِلٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، قَاصِدٌ لَهُ، فَيَتَجَرَّدُ عَنْ عَادَاتِهِ وَنَعِيمِهِ، وَيَنْسَلِخُ مِنْ مَفَاخِرِهِ وَمُمَيِّزَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ، بِحَيْثُ يُسَاوِي الْغَنِيُّ الْفَقِيرَ، وَيُمَاثِلُ الصُّعْلُوكُ الْأَمِيرَ، فَيَكُونُ النَّاسُ مِنْ جَمِيعِ الطَّبَقَاتِ فِي زِيٍّ كَزِيِّ الْأَمْوَاتِ، وَفِي ذَلِكَ - مِنْ تَصْفِيَةِ النَّفْسِ، وَتَهْذِيبِهَا، وَإِشْعَارِهَا بِحَقِيقَةِ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ، وَالْأُخُوَّةِ لِلنَّاسِ - مَا لَا يُقَدَّرُ قَدْرُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْفَى أَمْرُهُ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ حَثٌّ عَلَى الْخَيْرِ عُقَيْبَ النَّهْيِ عَنِ الشَّرِّ، وَأَنْ يَسْتَعْمِلُوا مَكَانَ الْقَبِيحِ مِنَ الْكَلَامِ الْحَسَنَ، وَمَكَانَ الْفُسُوقِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمَكَانَ الْجِدَالِ الْوِفَاقَ وَالْأَخْلَاقَ الْجَمِيلَةَ..! وَقَدْ رُوِيَ فِيمَنْ حَجَّ وَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ! وَذَلِكَ، لِأَنَّ الْإِقْبَالَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ، وَالتَّقَلُّبِ فِي تِلْكَ الْمَنَاسِكِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، يَمْحُو مِنَ النُّفُوسِ آثَارَ الذُّنُوبِ وَظُلْمَتَهَا. وَيُدْخِلُهَا فِي حَيَاةٍ جَدِيدَةٍ: لَهَا فِيهَا مَا كَسَبَتْ، وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ..!:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [ ص: 494 ] رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ أَهْلُ
الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ! فَإِذَا قَدِمُوا
مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى
أَيْ: وَتَزَوَّدُوا مَا تَتَبَلَّغُونَ بِهِ وَتَكُفُّونَ بِهِ وُجُوهَكُمْ عَنِ النَّاسِ، وَاتَّقُوا الِاسْتِطْعَامَ وَإِبْرَامَ النَّاسِ وَالتَّثْقِيلَ عَلَيْهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى أَيِ: الِاتِّقَاءُ عَنِ الْإِبْرَامِ وَالتَّثْقِيلِ عَلَيْهِمْ..!.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ مِنْ كَرَمِ الرَّجُلِ طِيبَ زَادِهِ فِي السَّفَرِ. وَكَانَ يُشْتَرَطُ عَلَى مَنْ صَحِبَهُ الْجَوْدَةُ.. نَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ.
وَيُقَالُ: فِي مَعْنَى الْآيَةِ: وَتَزَوَّدُوا مِنَ التَّقْوَى لِلْمَعَادِ. فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَفَرٍ فِي الدُّنْيَا، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ زَادٍ، وَيَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْمَرْكَبِ ; وَسَفَرٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ زَادٍ أَيْضًا وَهُوَ تَقْوَى اللَّهِ، وَالْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ، وَاتِّقَاءُ الْمَحْظُورَاتِ..! وَهَذَا الزَّادُ أَفْضَلُ مِنَ الزَّادِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ زَادَ الدُّنْيَا يُوَصِّلُ إِلَى مُرَادِ النَّفْسِ وَشَهَوَاتِهَا، وَزَادَ الْآخِرَةِ يُوَصِّلُ إِلَى النَّعِيمِ الْمُقِيمِ فِي الْآخِرَةِ..! وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَالَ
الْأَعْشَى: إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ التُّقَى وَلَاقَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا
نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لَا تَكُونَ كَمِثْلِهِ
وَأَنَّكَ لَمْ تُرْصِدْ لِمَا كَانَ أَرْصَدَا..!
وَثَمَّةَ وَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وَتَزَوَّدُوا أَمْرٌ بِاتِّخَاذِ الزَّادِ، هُوَ طَعَامُ السَّفَرِ، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى إِرْشَادٌ إِلَى زَادِ الْآخِرَةِ، وَهُوَ اسْتِصْحَابُ التَّقْوَى إِلَيْهَا بَعْدَ
[ ص: 495 ] الْأَمْرِ بِالزَّادِ لِلسَّفَرِ فِي الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=26وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ لَمَّا ذَكَرَ اللِّبَاسَ الْحِسِّيَّ نَبَّهَ مُرْشِدًا إِلَى اللِّبَاسِ الْمَعْنَوِيِّ وَهُوَ الْخُشُوعُ وَالطَّاعَةُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ هَذَا وَأَنْفَعُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ أَيِ: اتَّقُوا عِقَابِي وَعَذَابِي فِي مُخَالَفَتِي وَعِصْيَانِي يَا ذَوِي الْعُقُولِ وَالْأَفْهَامِ! فَإِنَّ قَضِيَّةَ اللُّبِّ تَقْوَى اللَّهِ، وَمَنْ لَمْ يَتَّقِهِ مِنَ الْأَلِبَّاءِ فَكَأَنَّهُ لَا لُبَّ لَهُ..! كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
وَقَدْ قُرِئَ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي: {اتَّقُونِ } عَلَى الْأَصْلِ، وَبِحَذْفِهَا لِلتَّخْفِيفِ وَدَلَالَةِ الْكَسْرَةِ عَلَيْهِ.