الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [46] وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا .

                                                                                                                                                                                                                                      وجعلنا على قلوبهم أكنة أي : أغطية كثيرة ، جمع ( كنان ) : أن يفقهوه أي : كراهة أن يفقهوه : وفي آذانهم وقرا أي : صمما يمنعهم من استماعه . وذلك ما يتغشاها من خذلان الله تعالى إياها ، عن فهم ما يتلى عليهم والإنصات له .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3937 ] قال أبو السعود : هذه تمثيلات معربة عن كمال جهلهم بشئون النبي صلى الله عليه وسلم ، وفرط نبو قلوبهم عن القرآن الكريم ، ومج أسماعهم له . جيء بها بيانا لعدم فقههم لتسبيح لسان المقال ، إثر بيان عدم فقههم لتسبيح لسان الحال ، وإيذانا بأن هذا التسبيح من الظهور بحيث لا يصور عدم فهمه ، إلا لمانع قوي يعتري المشاعر فيبطلها ؛ تنبيها على أن حالهم هذا أقبح من حالهم السابق .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده أي : غير مشفوع بذكره ذكر شيء من آلهتهم : ولوا على أدبارهم نفورا أي : هربا من استماع التوحيد . قال القاشاني : لتشتت أهوائهم ، وتفرق همهم في عبادة متعبداتهم ، من أصناف الجسمانيات والشهوات . فلا يناسب بواطنهم معنى الوحدة ؛ لتألفها بالكثرة واحتجابها بها . ثم أخبر تعالى عما يتناجى به المشركون ، رؤساء قريش ، بقوله متوعدا لهم :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية