[ ص: 4124 ] بسم الله الرحمن الرحيم
19- سورة مريم
سميت بها لاشتمالها على نبئها الخارق. وقال المهايمي : لأن قصتها تشير إلى أن من ، وطلب بها إشراق نوره، يرجى أن يكشف له عن صفات الحق وعن عالم الملكوت، وتظهر له الكرامات العجيبة. وهذا من أعظم مقاصد القرآن. وهي مكية النزول. واستثنى بعضهم منها آية السجدة، وآية اعتزل من أهله لعبادة الله وإن منكم إلا واردها
وقد روى ، في السيرة، من حديث محمد بن إسحاق ، أم سلمة عن وأحمد بن حنبل في قصة الهجرة إلى أرض ابن مسعود الحبشة من مكة ، أن رضي الله عنه قرأ صدر هذه السورة على جعفر بن أبي طالب وأصحابه. وآياتها ثمان وتسعون. النجاشي
[ ص: 4125 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[1] كهيعص [2] ذكر رحمت ربك عبده زكريا [3] إذ نادى ربه نداء خفيا .
كهيعص سلف في أول سورة البقرة الكلام على هذه الأحرف، المبتدأ بها. وأولى الأقوال بالصواب أنها أسماء للسورة المبتدأ بها. وكونها خبر مبتدأ محذوف. أي: هذا: كهيعص أي: مسمى به، وقوله تعالى: ذكر رحمت ربك عبده زكريا مبتدأ خبره محذوف. أي: فيما يتلى عليك. أو خبر محذوف. أي: هذا المتلو ذكرها و(زكريا) والد يحيى عليهما السلام. بدل من (عبده) أو عطف بيان له. قال المهايمي : أي: ذكر الله لنا ما رحم به زكريا عليه السلام بمقتضى كمال ربوبيته. فأعطاه ولدا كاملا في باب النبوة. فبشره بنفسه تارة وبملائكته أخرى. وتولى تسميته ولم يشرك فيها من تقدمه. وذكرها لنا كبير هبة لنا، في تعريف مقام النبوة، وقدرة الله وعنايته بصفوته.
إذ نادى ربه نداء خفيا ظرف لـ (رحمة) أو بدل اشتمال من ( زكريا ) والنداء في الأصل رفع الصوت وظهوره. والمراد به الدعاء. وقد راعى أدب الدعاء، وهو إخفاؤه، لكونه أبعد عن الرياء، وأدخل في الإخلاص. ثم فسر الدعاء بقوله: