قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا nindex.php?page=treesubj&link=28991قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وقالوا اتخذ الرحمن ولدا يعني
اليهود والنصارى ، ومن زعم أن
[ ص: 77 ] الملائكة بنات الله . وقرأ
يحيى وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وعاصم وخلف : ولدا بضم الواو وإسكان اللام ، في أربعة مواضع : من هذه السورة قوله تعالى : ( لأوتين مالا وولدا ) وقد تقدم قوله ، وقوله : ( أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ) . وفي سورة نوح ( ماله وولده ) ووافقهم في ( نوح ) خاصة
ابن كثير ومجاهد وحميد وأبو عمرو ويعقوب . والباقون في الكل بالفتح في الواو واللام وهما لغتان مثل العرب والعرب والعجم والعجم قال :
ولقد رأيت معاشرا قد ثمروا مالا وولدا
وقال آخر :
وليت فلانا كان في بطن أمه وليت فلانا كان ولد حمار
وقال في معنى ذلك
النابغة :
مهلا فداء لك الأقوام كلهم وما أثمر من مال ومن ولد
ففتح .
وقيس يجعلون الولد بالضم جمعا والولد بالفتح واحدا . قال
الجوهري : الولد قد يكون واحدا وجمعا ، وكذلك الولد بالضم . ومن أمثال
بني أسد : ولدك من دمى عقبيك . وقد يكون الولد جمع الولد مثل أسد وأسد : والولد بالكسر لغة في الولد .
النحاس وفرق
أبو عبيدة بينهما فزعم أن الولد يكون للأهل والولد جميعا قال
أبو جعفر وهذا قول مردود لا يعرفه أحد من أهل اللغة ولا يكون الولد والولد إلا ولد الرجل ، وولد ولده ، إلا أن ولدا أكثر في كلام العرب ؛ كما قال :
مهلا فداء لك الأقوام كلهم وما أثمر من مال ومن ولد
قال
أبو جعفر وسمعت
محمد بن الوليد يقول : يجوز أن يكون ولد جمع ولد كما يقال وثن ووثن وأسد وأسد ، ويجوز أن يكون ولد وولد بمعنى واحد كما يقال عجم وعجم وعرب وعرب كما تقدم .
nindex.php?page=treesubj&link=28991قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لقد جئتم شيئا إدا أي منكرا عظيما ؛ عن
ابن عباس ومجاهد وغيرهما . قال
الجوهري : الإد والإدة الداهية والأمر الفظيع ومنه قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لقد جئتم شيئا إدا [ ص: 78 ] وكذلك الآد مثل فاعل . وجمع الإدة إدد . وأدت فلانا داهية تؤده أدا ( بالفتح ) . والإد أيضا الشدة . قال الراجز :
نضون عني شدة وأدا من بعد ما كنت صملا جلدا
انتهى كلامه . وقرأ
أبو عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=12067وأبو عبد الرحمن السلمي أدا بفتح الهمزة
النحاس يقال أد يؤد أدا فهو آد والاسم الإد ؛ إذا جاء بشيء عظيم منكر وقال الراجز :
قد لقي الأقران مني نكرا داهية دهياء إدا إمرا
عن غير
النحاس ؛
الثعلبي وفيه ثلاث لغات ( إدا ) بالكسر وهي قراءة العامة ( وأدا ) بالفتح وهي قراءة السلمي و ( آد ) مثل ماد وهي لغة لبعض العرب رويت عن ابن عباس وأبي العالية ؛ وكأنها مأخوذة من الثقل : آده الحمل يئوده أودا أثقله .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تكاد السماوات قراءة العامة هنا وفي ( الشورى ) بالتاء . وقراءة نافع ويحيى والكسائي ( يكاد ) بالياء لتقدم الفعل .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90يتفطرن منه أي يتشققن وقرأ
نافع وابن كثير وحفص وغيرهم بتاء بعد الياء وشد الطاء من التفطر هنا وفي ( الشورى ) ووافقهم
حمزة وابن عامر في ( الشورى ) وقرأ هنا ( ينفطرن ) من الانفطار وكذلك قرأها
أبو عمرو وأبو بكر والمفضل في السورتين . وهي اختيار
أبي عبيد لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=1إذا السماء انفطرت وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=18السماء منفطر به nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90وتنشق الأرض أي تتصدع
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90وتخر الجبال هدا قال
ابن عباس : ( هدما أي تسقط بصوت شديد ) وفي الحديث
اللهم إني أعوذ بك من الهد والهدة قال
شمر قال
أحمد بن غياث المروزي الهد الهدم والهدة الخسوف . وقال
الليث هو الهدم الشديد كحائط يهد بمرة يقال هدني الأمر وهد ركني أي كسرني وبلغ مني قاله
الهروي .
الجوهري : وهد البناء يهده هدا كسره وضعضعه وهدته المصيبة أي أوهنت ركنه وانهد الجبل انكسر .
الأصمعي : والهد الرجل الضعيف يقول الرجل للرجل
[ ص: 79 ] إذا أوعده إني لغير هد أي غير ضعيف وقال ابن الأعرابي الهد من الرجال الجواد الكريم وأما الجبان الضعيف فهو الهد بالكسر وأنشد
[ العباس بن عبد المطلب ] :
ليسوا بهدين في الحروب إذا تعقد فوق الحراقف النطق
والهدة صوت وقع الحائط ونحوه تقول هد يهد ( بالكسر ) هديدا والهاد صوت يسمعه أهل الساحل يأتيهم من قبل البحر له دوي في الأرض وربما كانت منه الزلزلة ودويه هديده . النحاس : هدا مصدر لأن معنى تخر تهد وقال غيره : حال أي مهدودة
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أن دعوا للرحمن ولدا أن في موضع نصب عند الفراء بمعنى لأن دعوا ومن أن دعوا فموضع أن نصب بسقوط الخافض وزعم
الفراء أن
الكسائي قال : هي في موضع خفض بتقدير الخافض وذكر
ابن المبارك : حدثنا
مسعر عن
واصل عن
عون بن عبد الله قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : إن الجبل ليقول للجبل يا فلان هل مر بك اليوم ذاكر لله ؟ فإن قال نعم سر به ثم قرأ
عبد الله nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وقالوا اتخذ الرحمن ولدا الآية قال : أفتراهن يسمعن الزور ولا يسمعن الخير ؟ ! قال وحدثني
عوف عن
غالب بن عجرد قال حدثني رجل من
أهل الشام في
مسجد منى قال : إن الله تعالى لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر لم تك في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة وكان لهم منها منفعة ، فلم تزل الأرض والشجر كذلك حتى تكلم فجرة بني آدم تلك الكلمة العظيمة ، قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88اتخذ الرحمن ولدا فلما قالوها اقشعرت الأرض وشاك الشجر وقال ابن عباس اقشعرت الجبال وما فيها من الأشجار والبحار وما فيها من الحيتان فصار من ذلك الشوك في الحيتان وفي الأشجار الشوك وقال
ابن عباس أيضا
وكعب فزعت السماوات والأرض والجبال وجميع المخلوقات إلا الثقلين وكادت أن تزول وغضبت الملائكة فاستعرت جهنم وشاك الشجر واكفهرت الأرض وجدبت حين قالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116اتخذ الله ولدا . وقال
محمد بن كعب : لقد كاد أعداء الله أن يقيموا علينا الساعة لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي وصدق فإنه قول عظيم سبق به القضاء والقدر ولولا أن الباري تبارك وتعالى لا يضعه كفر الكافر ولا يرفعه إيمان المؤمن ولا يزيد هذا في ملكه ،
[ ص: 80 ] كما لا ينقص ذلك من ملكه لما جرى شيء من هذا على الألسنة ولكنه القدوس الحكيم الحليم فلم يبال بعد ذلك بما يقول المبطلون .
nindex.php?page=treesubj&link=28991قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا nindex.php?page=treesubj&link=29705نفى عن نفسه سبحانه وتعالى الولد ؛ لأن الولد يقتضي الجنسية والحدوث على ما بيناه في ( البقرة ) أي لا يليق به ذلك ولا يوصف به ، ولا يجوز في حقه ؛ لأنه لا يكون ولد إلا من والد يكون له والد وأصل والله سبحانه يتعالى عن ذلك ويتقدس قال :
في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة ما ينبغي دونها سهل ولا جبل
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا إن نافية بمعنى ما ؛ أي ما كل من في السماوات والأرض إلا وهو يأتي يوم القيامة مقرا له بالعبودية ، خاضعا ذليلا كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=87وكل أتوه داخرين أي صاغرين أذلاء ؛ أي الخلق كلهم عبيده ، فكيف يكون واحد منهم ولدا له - عز وجل - تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا وآتي بالياء في الخط ، والأصل التنوين فحذف استخفافا وأضيف .
الثانية : وفي هذه الآية دليل على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=7400_7586لا يجوز أن يكون الولد مملوكا للوالد ، خلافا لمن قال : إنه يشتريه فيملكه ولا يعتق عليه إلا إذا أعتقه ، وقد أبان الله تعالى المنافاة بين الأولاد والملك فإذا ملك الوالد ولده بنوع من التصرفات عتق عليه . ووجه الدليل عليه من هذه الآية أن الله تعالى جعل الولدية والعبدية في طرفي تقابل فنفى أحدهما وأثبت الآخر ولو اجتمعا لما كان لهذا القول فائدة يقع الاحتجاج بها وفي الحديث الصحيح
nindex.php?page=hadith&LINKID=832087لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه أخرجه
مسلم فإذا لم يملك الأب ابنه مع مرتبته عليه فالابن بعدم ملك الأب أولى لقصوره عنه . الثالثة : ذهب
إسحاق بن راهويه في تأويل قوله - عليه الصلاة والسلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832088من أعتق شركا له في عبد أن المراد به ذكور العبيد دون إناثهم فلا يكمل على من أعتق شركا في أنثى وهو
[ ص: 81 ] على خلاف ما ذهب إليه الجمهور من السلف ومن بعدهم فإنهم لم يفرقوا بين الذكر والأنثى ؛ لأن لفظ العبد يراد به الجنس ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا فإنه قد يتناول الذكر والأنثى من العبد قطعا ، وتمسك
إسحاق بأنه حكي عبدة في المؤنث .
الرابعة : روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832089يقول الله تبارك وتعالى كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : ليس يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ، nindex.php?page=treesubj&link=29705_10027_19106وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا ، وأنا الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن لي كفوا أحد وقد تقدم في ( البقرة ) وغيرها وإعادته في مثل هذا الموضع حسن جدا .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=94لقد أحصاهم أي علم عددهم
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=94وعدهم عدا تأكيد أي فلا يخفى عليه أحد منهم .
قلت : ووقع لنا في أسمائه سبحانه المحصي ؛ أعني في السنة من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ؛ خرجه
الترمذي ، واشتقاق هذا الفعل يدل عليه . وقال الأستاذ
nindex.php?page=showalam&ids=11812أبو إسحاق الاسفراييني : ومنها المحصي ويختص بأنه لا تشغله الكثرة عن العلم ، مثل ضوء النور ، واشتداد الريح ، وتساقط الأوراق ، فيعلم عند ذلك أجزاء الحركات في كل ورقة ، وكيف لا يعلم وهو الذي يخلق ، وقد قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=14ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ووقع في تفسير
ابن عباس أن معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=94لقد أحصاهم وعدهم عدا يريد أقروا له بالعبودية ، وشهدوا له بالربوبية .
nindex.php?page=treesubj&link=28991قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=95وكلهم آتيه يوم القيامة فردا أي واحدا لا ناصر له ولا مال معه ينفعه كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=88يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم فلا ينفعه إلا ما قدم
[ ص: 82 ] من عمل وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=95وكلهم آتيه على لفظ كل وعلى المعنى آتوه . وقال
القشيري : وفيه إشارة إلى أنكم لا ترضون لأنفسكم باستعباد أولادكم والكل عبيده ، فكيف رضيتم له ما لا ترضون لأنفسكم ، وقد رد عليهم في مثل هذا ، في أنهم لا يرضون لأنفسهم بالبنات ، ويقولون : الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن ذلك ، وقولهم الأصنام بنات الله . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=136فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم .