القول في تأويل قوله تعالى :
[55] ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم .
ولا يزال الذين كفروا في مرية منه أي : في شك وجدال من التنزيل الكريم ، لما طبع على قلوبهم : حتى تأتيهم الساعة أي : القيامة : بغتة أي : فجأة : أو يأتيهم عذاب يوم عقيم أي : يوم لا يوم بعده . كأن كل يوم يلد ما بعده من الأيام ، فما لا يوم بعده يكون عقيما . والمراد به الساعة أيضا . كأنه قيل : أو يأتيهم عذابها ، فوضع ذلك موضع ضميرها لمزيد التهويل . أفاده أبو السعود . أي : لأنه بمعنى : شديد لا مثل له في شدته . وتقدم فيما نقلنا وجه آخر وهو أن المعنى : لا يزال الذين كفروا في ريب من الحق أو الكتاب ، لا تستقر عقولهم عليه حتى تأتي ساعة هلاكهم بغتة ، فيلاقون حسابهم عند ربهم . أو إن امتد بهم الزمن ، ومادهم الأجل ، فسيصيبهم عذاب يوم عقيم . يوم حرب يسامون فيه سوء عذاب القتل أو الأسر . فلا ينتج لهم من ذلك اليوم خير ولا بركة . بل يسلبون ما كان لديهم ، ويساقون إلى مصارع الهلكة ، وهذا هو العقم في أتم معانيه وأشأم درجاته . انتهى .