القول في تأويل قوله تعالى:
[29 - 31] فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين [ ص: 4704 ] وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين
فلما قضى أي: أتم: موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أي: من الطريق، من ضوئها، أو ممن عندها: أو جذوة مثلثة الجيم، وقد قرئ بها كلها، أي: عود فيه شيء: من النار لعلكم تصطلون أي: تستدفئون: فلما أتاها أي: قرب منها: نودي من شاطئ أي: جانب: الواد الأيمن أي: المبارك. يقال: يمن فهو ميمون وأيمن. وتفسيره بخلاف الأيسر بعيد، لأن ألفاظ التنزيل وآيه يفسر بعضها بعضا. وقد جاء في غير آية توصيف الوادي بالمقدس، وبقعته بالمباركة، والمعنى واحد. وإن أدهش التفنن في التعبير عنه ببديع تلك المباني: في البقعة المباركة أي: التي بورك مكانها بالتجلي الإلهي: من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز أي: تتحرك: كأنها جان أي: حية صغيرة، في سرعة الحركة: ولى مدبرا أي: أعرض بوجهه عنها. جاعلا ظهره إليها: ولم يعقب أي: لم يرجع: يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين أي: من المخاوف.