[ ص: 685 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[269] يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب .
يؤتي الحكمة من يشاء قال كثيرون: الحكمة إتقان العلم والعمل، وبعبارة أخرى معرفة الحق والعمل به. قال أبو مسلم: الحكمة فعلة من الحكم وهي كالنحلة من النحل، ورجل حكيم إذا كان ذا حجا ولب وإصابة رأي، وهي في هذا الموضع في معنى الفاعل، ويقال: أمر حكيم، أي: محكم، وهو فعيل بمعنى مفعول. قال تعالى: فيها يفرق كل أمر حكيم
ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا إذ بها انتظام أمر الدارين، والإظهار في مقام الإضمار لإظهار الاعتناء بشأنها، وفي إيلاء هذه الآية لما قبلها إشعار بأن الذي لا يغتر بوعد الشيطان ويوقن بوعد الله هو من آتاه الله الحكمة: وما يذكر أي: يتعظ بأمثال القرآن والحكمة: إلا أولو الألباب أي: ذوو العقول من الناس، الخالصة من شوائب الهوى، وهم الحكماء، والمراد به: الحث على العمل بما تضمنت الآي في معنى الإنفاق.