القول في تأويل قوله تعالى:
[20_21] ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير [ ص: 4804 ] وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنـزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير
ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض أي: من النجوم والشمس والقمر، التي ينتفعون من ضيائها، وما تؤثره في الحيوان، والنبات، والجماد بقدرته تعالى، وكذا من الأمطار والسحب والكوائن العلوية التي خلقها تعالى لنفع من سخرت له، وكذا ما أوجد في الأرض من قرار وأشجار وأنهار وزروع وثمار، ليستعملها من سخرت له فيما فيه حياته، وراحته، وسعادته: وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة أي: محسوسة ومعقولة، كإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وإزاحة الشبه والعلل: ومن الناس يعني الجاحدين نعمته تعالى: من يجادل في الله أي: في توحيده وإرساله الرسل: بغير علم أي: برهان قاطع مستفاد من عقل: ولا هدى أي: دليل مأثور عن نبي: ولا كتاب منير أي: منزل من لدنه تعالى، بل لمجرد التقليد. والمنير: بمعنى المنقذ من ظلمة الجهل والضلال.
وإذا قيل لهم أي: لمن يجادل، والجمع باعتبار المعنى: اتبعوا ما أنـزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير أي: يدعو آباءهم إلى اعتقادات وأعمال، هي أسباب العذاب، كأنه يدعوهم إلى عين العذاب. فهم متوجهون إليه حسب دعوته، ومن كان كذلك فأنى يتبع.