القول في تأويل قوله تعالى:
[58] والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا .
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات أي: بقول أو فعل: بغير ما اكتسبوا أي: بغير جناية يستحقون بها الأذية: فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا أي: ظاهرا بينا.
[ ص: 4907 ] قال : أطلق إيذاء الله ورسوله، وقيد إيذاء المؤمنين والمؤمنات; لأن أذى الله ورسوله لا يكون إلا غير حق أبدا، وأما أذى المؤمنين والمؤمنات، فمنه ومنه. الزمخشري
تنبيه:
في (الإكليل): في هذه الآية تحريم إلا بوجه شرعي، كالمعاقبة على ذنب، ويدخل في الآية كل ما حرم للإيذاء، كالبيع على بيع غيره، والسوم على سومه، والخطبة على خطبته، وقد نص أذى المسلم، على تحريم الشافعي إذا اشتمل على إيذاء. وأخرج أكل الإنسان مما يلي غيره، من حديث ابن أبي حاتم مرفوعا عائشة وأخرج عن « أربى الربا عند الله، استحلال عرض امرئ مسلم » ثم قرأ هذه الآية. في هذه الآية: إياكم وأذى المؤمن، فإن الله يحوطه ويغضب له. وقد زعموا أن قتادة قرأها ذات يوم، فأفزعه ذلك، حتى ذهب إلى عمر بن الخطاب ، فدخل عليه فقال: يا أبي بن كعب أبا المنذر ! إني قرأت آية من كتاب الله فوقعت مني كل موقع: والذين يؤذون المؤمنين الآية. والله! إني لأعاقبهم وأضربهم. فقال له: إنك لست منهم. إنما أنت مؤدب، إنما أنت معلم. انتهى.
قال : وعن الزمخشري الفضيل : لا يحل لك أن تؤذي كلبا أو خنزيرا بغير حق، فكيف؟ وكان ابن عون لا يكرى الحوانيت إلا من أهل الذمة، لما فيه من الروعة عند كر الحول. فرحمه الله ورضي عنه.
ولما بين تعالى سوء حال المؤذين، زجرا لهم عن الإيذاء، أمر النبي عليه الصلاة والسلام بأن يأمر بعض المتأذين منهم، بما يدفع إيذاءهم في الجملة من الستر والتميز، عن مواقع الإيذاء، بقوله سبحانه: