القول في تأويل قوله تعالى:
[ 28 ] وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون أي: ، تبشر من أطاعك بالجنة، وتنذر من عصاك بالنار، كقوله تبارك وتعالى: وما أرسلناك إلا إرسالة عامة لجميع الخلائق من المكلفين قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا
ولكن أكثر الناس لا يعلمون أي: فيحملهم جهلهم على ما هم فيه من الغي والضلال كقوله عز وجل: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله
قال - فيما رواه ابن عباس - إن الله تعالى فضل ابن أبي حاتم محمدا صلى الله عليه وسلم على أهل السماء، وعلى الأنبياء. قالوا: يا ! فبم فضله الله على الأنبياء؟ قال رضي الله عنه: إن الله تعالى قال: ابن عباس وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم [ ص: 4958 ] ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: وما أرسلناك إلا كافة للناس فأرسله الله تعالى إلى الجن والإنس .
قال : وهذا الذي قاله ابن كثير رضي الله عنهما قد ثبت في" الصحيحين" رفعه عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جابر ، وفي" الصحيح" أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسير شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد من قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس عامة » ، قال « بعثت إلى الأحمر والأسود » : يعني الجن والإنس. وقال غيره: يعني العرب والعجم. والتحقيق في معنى مجاهد ، هو مجيئه بشرع ينطبق على مصالح الناس وحاجاتهم أينما كانوا، وأي زمان وجدوا، مما لم يتفق في شرع قبله قط، ولهذا ختمت النبوات بنبوته صلى الله عليه وسلم، كما تقرر في موضعه. عموم إرساله وشمول بعثته