الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 28 ] وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

                                                                                                                                                                                                                                      وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون أي: وما أرسلناك إلا إرسالة عامة لجميع الخلائق من المكلفين ، تبشر من أطاعك بالجنة، وتنذر من عصاك بالنار، كقوله تبارك وتعالى: قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا

                                                                                                                                                                                                                                      ولكن أكثر الناس لا يعلمون أي: فيحملهم جهلهم على ما هم فيه من الغي والضلال كقوله عز وجل: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس - فيما رواه ابن أبي حاتم - إن الله تعالى فضل محمدا صلى الله عليه وسلم على أهل السماء، وعلى الأنبياء. قالوا: يا ابن عباس ! فبم فضله الله على الأنبياء؟ قال رضي الله عنه: إن الله تعالى قال: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم [ ص: 4958 ] ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: وما أرسلناك إلا كافة للناس فأرسله الله تعالى إلى الجن والإنس .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن كثير : وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله عنهما قد ثبت في" الصحيحين" رفعه عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسير شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد من قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس عامة » ، وفي" الصحيح" أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « بعثت إلى الأحمر والأسود » ، قال مجاهد : يعني الجن والإنس. وقال غيره: يعني العرب والعجم. والتحقيق في معنى عموم إرساله وشمول بعثته ، هو مجيئه بشرع ينطبق على مصالح الناس وحاجاتهم أينما كانوا، وأي زمان وجدوا، مما لم يتفق في شرع قبله قط، ولهذا ختمت النبوات بنبوته صلى الله عليه وسلم، كما تقرر في موضعه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية