[ ص: 4963 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[ 40 - 41 ] ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون .
ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون قال : هذا الكلام خطاب للملائكة وتقريع للكفار، وارد على المثل السائر:( إياك أعني واسمعي يا جارة). ونحوه قوله تعالى: الزمخشري أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله وقد وعيسى منزهين برآء مما وجه عليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير. والغرض أن يقول ويقولوا، ويسأل ويجيبوا، فيكون تقريعهم أشد، وتعييرهم أبلغ، وخجلهم أعظم، وهوانهم ألزم، ويكون اقتصاص ذلك لطفا لمن سمعه، وزجرا لمن اقتص عليه. انتهى. علم سبحانه كون الملائكة
وتخصيص الملائكة، لأنهم أشرف الأنداد عند مشركي العرب، ولأن عبادتهم مبدأ الشرك وأصله، لزعمهم أن الأوثان على صور الهياكل العلوية المقربة، فتكون شفعاء لهم. وقوله تعالى: أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون أي: أبإذنكم كان ذلك. كما قال تعالى: أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل وكما يقول تعالى لعيسى عليه السلام: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك وهكذا تقول [ ص: 4964 ] الملائكة: سبحانك أي: تعاليت وتقدست عن أن يكون معك إله: أنت ولينا من دونهم أي: أنت الذي نواليه من دونهم، إذ لا موالاة بيننا وبينهم، فنبرء إليك منهم. بينوا بإثبات ، براءتهم من الرضا بعبادتهم لهم. وقولهم: موالاة الله، ومعاداة الكفار بل كانوا يعبدون الجن أي: الشياطين، لأنهم هم الذين زينوا لهم عبادة الأوثان وأضلوهم. والضمير الأول في قولهم: أكثرهم بهم مؤمنون للإنس أو للمشركين، والأكثر بمعنى الكل، والثاني للجن.