الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 22] أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين .

                                                                                                                                                                                                                                      أفمن شرح الله صدره للإسلام أي: وسعه لتسليم الوجه إليه وحده، ولقبول دينه، وشرعه بلطفه، وعنايته، وإمداده سبحانه: فهو على نور من ربه أي: على بينة ومعرفة، [ ص: 5136 ] واهتداء إلى الحق، واستعارة النور للهدى والعرفان، شهيرة، كاستعارة الظلمة لضد ذلك. وخبر (من) محذوف دل عليه قوله تعالى: فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أي: من قبول ذكره لشدة ميلها إلى اللذات البدنية، وإعراضها عن الكمالات القدسية، أو من أجل ذكره; ف: (من) للتعليل والسببية.. وفيها معنى الابتداء لنشئها عنه. قال الشهاب : إذا (قيل: قسا منه)، فالمراد أنه سبب لقسوة نشأت منه. وإذا قيل: (قسا عنه)، فالمعنى أن قسوته جعلته متباعدا عن قبوله، وبهما ورد استعماله. وقد قرئ ب: (عن)، في الشواذ. لكن الأول أبلغ; لأن قسوة القلب تقتضي عدم ذكر الله ، وهو معناه إذا تعدى ب: (عن). وذكره تعالى مما يلين القلوب. فكونه سببا للقسوة، يدل على شدة الكفر الذي جعل سبب الرقة، سببا لقسوته: أولئك في ضلال مبين أي: عن طريق الحق.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية