الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 51] وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم .

                                                                                                                                                                                                                                      وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أي: إلهاما وقذفا في القلب منه، بلا واسطة. أو من وراء حجاب أي: يكلمه بحيث يسمع كلامه ولا يراه، كما كلم موسى عليه السلام: أو يرسل رسولا أي: من الملائكة كجبريل : فيوحي بإذنه ما يشاء أي: فيوحي ذلك الرسول إلى المرسل إليه بإذن ربه، ما يشاء إيحاءه، من أمر ونهي، وغير ذلك، على سبيل [ ص: 5255 ] الإلقاء، والنفث في الروع، والإلهام، أو الهتاف، أو المنام: إنه علي أي: من أن يواجه، ويخاطب. بل يفنى ويتلاشى من يواجهه، لعلوه من أن يبقى معه غيره، أو يحتمل شيء حضوره. قاله القاشاني .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال المهايمي : أي: لا يبلغ البشر حد مكالمته شفاها، ولا يحتمل سماع كلامه مع رؤيته. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      حكيم أي: يدبر بالحكمة وجوه التكليم، ليظهر علمه في تفصيل المظاهر، ويكمل به عباده، ويهتدوا إليه ليعرفوه. وقال المهايمي : أي: حكيم في تبليغ كلامه العلي إلى البشر الضعيف.

                                                                                                                                                                                                                                      تنبيه:

                                                                                                                                                                                                                                      في "الإكليل": استدلت بالآية عائشة رضي الله عنها على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه. واستدل مالك بقوله: أو يرسل رسولا على أن من حلف لا يكلم زيدا، فأرسل إليه رسولا أو كتابا، أنه يحنث؛ لأنه تعالى استثناه من الكلام، فدل على أنه منه. انتهى. وفيه بعد; إذ لا يقال لمن ألهمه الله، إنه كلمه إلا مجازا، فلا يكون الاستثناء متصلا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية