[ ص: 88 ] القول في تأويل قوله تعالى
[27 ] الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون
"الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه" صفة للفاسقين للذم ، و"العهد" الذي وصفوا بنقضه : هو وصية الله إلى خلقه ، وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعته ، ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معصيته في كتبه ، وعلى لسان رسله - ونقضهم ذلك هو تركهم العمل به : "ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل" عام في كل قطيعة لا يرضاها الله تعالى : كقطع الرحم ، والإعراض عن موالاة المؤمنين ، والتفرقة بين الأنبياء عليهم السلام والكتب في التصديق ، وسائر ما فيه رفض خير أو تعاطي شر ، فإنه يقطع ما بين الله تعالى وبين العبد من الوصلة التي هي المقصودة بالذات من كل وصل وفصل "ويفسدون في الأرض" بالمنع عن الإيمان ، والاستهزاء بالحق ، وقطع الوصل التي بها نظام العالم وصلاحه : "أولئك هم الخاسرون" لأنهم استبدلوا النقض بالوفاء ، والقطع بالوصل ، والفساد بالصلاح ، وعقابها بثوابها . وهذه الصفات المسوقة في الآية صفات الكفار المباينة لصفات المؤمنين ، كما قال تعالى في سورة الرعد : أفمن يعلم أنما أنـزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب الآيات -إلى أن قال- : والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار