[ ص: 5757 ] بسم الله الرحمن الرحيم
60- سورة الممتحنة
بفتح الحاء، وقد تكسر، فعلى الأول هي صفة المرأة التي نزلت فيها. وعلى الثاني صفة السورة، كما قيل لبراءة (الفاضحة) كما في (الأعلام).
قال المهايمي: سميت بها لدلالة آية الامتحان على أنه لا يكتفى في باب الصحة بظواهر الأدلة كالهجرة، بل لا بد من اختبار البواطن. فدلائل الاعتقادات أولى بذلك. وهذا من أعظم مقاصد القرآن. انتهى.
وفي (جمال القراء) أنها تسمى سورة الامتحان، وسورة المودة. وهي مدنية.
وآيها ثلاث عشرة.
[ ص: 5758 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى:
[1] يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء أي: أنصارا. نهي لأصحاب النبي صلوات الله عليه، عن موالاة مشركي مكة المحاربين لله ولرسوله وقتئذ، لما فيها من الفتنة بالدين وأهله كما يأتي.
تلقون إليهم بالمودة أي: صميم المحبة، والباء زائدة في المفعول وقد كفروا بما جاءكم من الحق أي: من الإيمان بالله ورسوله وكتابه، الذي هو نهاية الهدى، وغاية السعادة.
ثم أشار إلى أنهم لم يكفهم ذلك حتى آذوا المؤمنين، بما يقطع العلائق معهم رأسا، بقوله: يخرجون الرسول وإياكم أي: من أرضكم ودياركم أن تؤمنوا بالله ربكم أي: يخرجونكم لإيمانكم بالله، الجامع للكمالات المقتضية انقياد الناقص له، لاسيما باعتبار اتصافه بوصف كونه رباكم بالكمالات، فهي بالحقيقة عداوة مع الله.
قال : هذا مع ما قبله من التهييج على عداوتهم، وعدم موالاتهم؛ لأنهم أخرجوا الرسول وأصحابه من بين أظهرهم، كراهة لما هم عليه من التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده; ولهذا قال تعالى: ابن كثير
أن تؤمنوا بالله ربكم أي: لم يكن لكم عندهم ذنب إلا إيمانكم [ ص: 5759 ] بالله رب العالمين كقوله تعالى: وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد وكقوله تعالى: الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله وقوله تعالى: إن كنتم خرجتم أي: هاجرتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي أي: للجهاد في طريقي الذي شرعته لكم، وديني الذي أمرتكم به. والتماس رضائي عنكم الذي لا ثواب فوقه، والشرط متعلق ب: " لا تتخذوا " أي: لا تتولوا أعدائي إن كنتم أوليائي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم أي: من المودة معهم وغيرها ومن يفعله منكم أي: اتخاذهم أولياء فقد ضل سواء السبيل أي: جار عن السبيل السوي الذي جعله الله هدى ونجاة.