[22 - 24] هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم
هو الله الذي لا إله إلا هو أي: المعبود الذي لا تنبغي العبادة والألوهية إلا له عالم الغيب والشهادة أي: ما غاب عن الحس وشوهد هو الرحمن الرحيم أي: المنعم بالنعم العامة والخاصة. ومن كان مطلعا على الأسرار يحب أن يخشع له ويخشى منه، لاسيما من حيث كونه منعما; إذ حق المنعم أن يخشع له، ويخشى أن تسلب نعمه.
هو الله الذي لا إله إلا هو الملك أي: الغني المطلق، الذي يحتاج إليه كل شيء، المدبر للكل في ترتيب نظام لا أكمل منه القدوس أي: المنزه عما لا يليق بجلاله، تنزها بليغا السلام أي: الذي يسلم خلقه من ظلمه أو المبرأ عن النقائص كالعجز المؤمن أي: لأهل اليقين بإنزال السكينة، ومن فزع الآخرة المهيمن أي: الرقيب على كل شيء باطلاعه واستيلائه وحفظه العزيز أي: القوي الذي يغلب ولا يغلب الجبار أي: الذي تنفذ مشيئته على سبيل الإجبار في كل أحد، ولا تنفذ فيه مشيئة أحد، والذي لا يخرج أحد عن قبضته، قاله الغزالي في "المقصد الأسنى".
وقال الإمام ابن القيم في "الكافية الشافية":
وكذلك الجبار من أوصافه والجبر في أوصافه قسمان
[ ص: 5754 ]
جبر الضعيف وكل قلب قد غدا ذا كسرة فالجبر منه داني
والثان جبر القهر بالعز الذي لا ينبغي لسواه من إنسان
وله مسمى ثالث وهو العل و فليس يدنو منه من إنسان
من قولهم جبارة للنخلة ال عليا التي فاتت بكل بنان
المتكبر أي: الذي يرى الكل حقيرا بالإضافة إلى ذاته، ولا يرى العظمة والكبرياء إلا لنفسه، فينظر إلى غيره نظر الملوك إلى العبيد سبحان الله عما يشركون أي: من الأوثان والشفعاء.
هو الله الخالق أي: المقدر للأشياء على مقتضى حكمته البارئ أي: الموجد لها بعد العدم المصور أي: الكائنات كما شاء.
له الأسماء الحسنى أي: الدالة على محاسن المعاني، وأحاسن الممادح.
يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم أي: في تدبيره خلقه. وصرفهم فيما فيه صلاحهم وسعادتهم.
تنبيهات:
الأول: قال السيد ابن المرتضى في "إيثار الحق": مقام لأن كمال الذات بأسمائه الحسنى، ونعوتها الشريفة، ولا كمال لذات لا نعت لها ولا اسم، ولذلك عد مذهب الملاحدة في مدح الرب بنفيها، من أعظم مكايدهم للإسلام، فإنهم عكسوا المعلوم عقلا وسمعا فذموا الأمر المحمود، ومدحوا الأمر المذموم، القائم مقام النفي، والجحد المحض، وضادوا كتاب الله ونصوصه الساطعة، قال الله جل جلاله: معرفة كمال الرب الكريم، وما يجب له من نعوته وأسمائه الحسنى، من تمام التوحيد الذي لا بد منه;
ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه وقال سبحانه وتعالى:
قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فما كان منها منصوصا في كتاب الله [ ص: 5755 ] وجب الإيمان به على الجميع، والإنكار على من جحده، أو زعم أن ظاهره اسم ذم لله سبحانه. وما كان في الحديث وجب الإيمان به على من عرف صحته. وما نزل عن هذه المرتبة، أو كان مختلفا في صحته، لم يصح استعماله، فإن الله أجل من أن يسمى باسم لم يتحقق أنه تسمى به.
ثم قال: وعادة بعض المحدثين أن يوردوا جميع ما ورد في الحديث المشهور في تعدادها، مع الاختلاف الشهير في صحته. وحسبك أن البخاري تركا تخريجه مع رواية أوله. واتفاقهما على ذلك يشعر بقوة العلة فيه. ولكن الأكثرين اعتمدوا ذلك تعرضا لفضل الله العظيم في وعده من أحصاها بالجنة، كما اتفق على صحته. وليس يستيقن إحصاؤها بذلك إلا لو لم يكن لله سبحانه اسم غير تلك الأسماء، فأما إذا كانت أسماؤه سبحانه أكثر من أن تحصى، بطل اليقين بذلك، وكان الأحسن الاقتصار على ما في كتاب الله، وما اتفق على صحته بعد ذلك، وهو النادر، وقد ثبت أن ومسلما أكثر من ذلك المروي بالضرورة والنص. أسماء الله تعالى
ثم أطال رحمه الله في ذلك وأطاب. فليرجع إليه النهم بالتحقيقات.
الثاني: قال في "المقصد الأسنى" - وهو من أنفس ما ألف في معاني الأسماء الحسنى-: هل الصفات والأسامي المطلقة على الله تعالى تقف على التوقيف، أو تجوز بطريق العقل؟ والذي مال إليه الغزالي أن ذلك جائز، إلا ما منع منه الشرع، أو أشعر بما يستحيل معناه على الله تعالى. فأما ما لا مانع فيه فإنه جائز. والذي ذهب إليه الشيخ القاضي أبو بكر الباقلاني -رحمة الله عليه- أن ذلك موقوف على التوقيف، فلا يجوز أن يطلق في حق الله تعالى، إلا إذا أذن فيه. أبو الحسن الأشعري
والمختار عندنا أن نفصل ونقول: كل ما يرجع إلى الاسم، فذلك موقوف على الإذن، وما يرجع إلى الوصف، فذلك لا يقف على الإذن، بل الصادق منه مباح دون الكاذب. ثم جود رحمه الله البيان بما لا غاية بعده.
[ ص: 5756 ] الثالث: قال في "إيثار الحق": قد تكلم على معانيها جماعة من أهل العلم والتفسير، وأكثرها واضح. والعصمة فيها عدم التشبيه، واعتقاد أن المراد بها أكمل معانيها، الكمال الذي لا يحيط بحقيقته إلا الله تعالى. السيد المرتضى
ثم قال: ولا بد من الإشارة هنا إلى أمر جملي، وهو أصل عظيم، وذلك تفسير الحسنى جملة: فاعلم أنها جمع الأحسن لا جمع الحسن، وتحت هذا سر نفيس: وذلك أن الحسن من صفات الألفاظ، ومن صفات المعاني، فكل لفظ له معنيان: حسن وأحسن، فالمراد الأحسن منهما حتى يصح جمعه حسنى، ولا يفسر بالحسن منهما إلا الأحسن بهذا الوجه. ثم بين مثال ذلك فانظره.