القول في تأويل قوله تعالى: [6] يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون
يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا أي: سببها، وذلك بترك المعاصي، [ ص: 5867 ] وفعل الطاعات، والقيام على تأديب الأهل، وأخذهن بما تأخذون به أنفسكم وقودها الناس والحجارة أي: تتقد بهما اتقاد غيرها بالحطب عليها ملائكة أي: تلي أمرها وتعذيب أهلها، زبانية غلاظ شداد أي: جفاة قساة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون قال : وليست الجملتان في معنى واحد؛ فإن معنى الأولى: أنهم يتقبلون أوامره ويلتزمونها ولا يأبونها ولا ينكرونها. ومعنى الثانية: أنهم يؤدون ما يؤمرون به، لا يتثاقلون عنه، ولا يتوانون فيه. انتهى. الزمخشري
وقيل: الجملة الأولى لبيان استمرار إتيانهم بأوامره، والثانية لأنهم لا يفعلون شيئا ما لم يؤمروا به، كقوله تعالى: وهم بأمره يعملون فإن استمرارهم على فعل ما يؤمرون به يفيده، فلا تكرار. وقيل: إنه من الطرد والعكس، وهو يكون في كلامين، يقرر منطوق أحدهما مفهوم الآخر، وبالعكس.