الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [3] الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور

                                                                                                                                                                                                                                      الذي خلق سبع سماوات طباقا قال ابن جرير : طبقا فوق طبق، بعضها فوق بعض.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5877 ] وقال المهايمي: أي: يوافق بعضها بعضا بلا تضاد، ليتم أمر الحكمة في الكوائن والفواسد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض علماء الفلك: اعلم أن لفظ السماء يطلق لغة على كل ما علا الإنسان، فإنه من السمو، وهو العلو، فسقف البيت سماء. ومنه قوله تعالى: فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع أي: فليمدد بحبل إلى سقف بيته، وهذا الفضاء اللانهائي سماء، ومنه قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء والسحاب سماء، ومنه قوله تعالى: أنـزل من السماء ماء والكواكب سماوات; فالسماوات السبع المذكورة كثيرا في القرآن الشريف، هي هذه السيارات السبع، وهي طباق، أي: أن بعضها فوق بعض؛ لأن فلك كل منها فوق فلك غيره.

                                                                                                                                                                                                                                      ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت أي: تخالف وعدم تناسب في رعاية الحكم، بل راعاها في كل خلقه.

                                                                                                                                                                                                                                      فارجع البصر أي: إن شككت فكرر النظر هل ترى من فطور أي: خلل. وأصل الفطور الصدوع والشقوق، أريد به لازمه، كذا قالوه، والصحيح أنه على حقيقته؛ أي: هل ترى من انشقاق وانقطاع بين السماوات، بحيث تذهب باتصالات الكواكب فتفرقها، وتقطع علاقاتها وأحبال تجاذبها؟ كلا! بل هي متجاذبة، مرتبط بعضها ببعض من كل جهة، كما تقدم في سورة (ق) في آية: أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5878 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية