[8 - 16] فلا تطع المكذبين ودوا لو تدهن فيدهنون ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين سنسمه على الخرطوم
فلا تطع المكذبين أي: بآيات الله وما جاءهم من الحق.
قال : تهييج وإلهاب على معاصاتهم. الزمخشري
ودوا لو تدهن فيدهنون أي: ودوا لو تركن إلى آلهتهم، وتترك ما أنت عليه من الحق، فيمالئونك، رواه عن ابن جرير ، ثم قال: أي: لو تلين لهم في دينك بإجابتك إياهم إلى الركون إلى آلهتهم، فيلينون لك في عبادتك إلهك، كما قال جل ثناؤه: مجاهد ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات
[ ص: 5895 ] وإنما هو مأخوذ من الدهن، شبه التليين في القول بتليين الدهن.
ولا تطع كل حلاف أي: كثير الحلف. قال : وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف، ومثله قوله تعالى: الزمخشري
ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم
مهين أي: حقير الرأي والتمييز.
هماز أي: عياب طعان. قال : والهمز أصله الغمز. فقيل للمغتاب: هماز لأنه يطعن في أعراض الناس بما يكرهون، وذلك غمز عليهم. ابن جرير
مشاء بنميم أي: نقال لحديث الناس بعضهم في بعض، للإفساد بينهم.
مناع للخير أي: بخيل بالمال، ضنين به. والخير المال. أو صاد عن الإسلام.
معتد أي: على الناس متجاوز في ظلمهم أثيم كثير الآثام.
عتل أي: جاف غليظ دعي بعد ذلك زنيم أي: دعي ملصق في النسب ليس منهم، أو مريب يعرف بالشر. قال : ومعنى " بعد " في هذا الموضع معنى (مع). ابن جرير
وقال الشهاب: الإشارة لجميع ما قبله من النقائص لا للأخير فقط؛ وهي للدلالة على أن ما بعده أعظم في القباحة. ف: " بعد " هنا كثم الدالة على التفاوت الرتبي، كما مر في قوله: بعد ذلك ظهير أن كان ذا مال وبنين قال : متعلق بقوله: الزمخشري ولا تطع يعني: ولا تطعه مع هذه المثالب؛ لأن كان ذا مال، أي: ليساره وحظه من الدنيا. ويجوز أن يتعلق بما بعده، على معنى: لكونه متمولا مستظهرا بالبنين، كذب بآياتنا إذا تتلى عليه آياتنا أي: تقرأ عليه آيات كتابتا قال أساطير الأولين [ ص: 5896 ] أي: هذا مما كتبه الأولون، استهزاء به، وإنكارا منه أن يكون ذلك من عند الله.
وقوله: سنسمه على الخرطوم عدة منه تعالى بغاية إذلاله، بعد تناهي كبره وعجبه وزهوه وعتوه. تقول العرب: وسمته بميسم السوء، يريدون أنه ألصق به من العار ما لا يفارقه. قال : جرير
لما وضعت على ميسمي وعلى البعيث جدعت أنف الفرزدق الأخطل
قال : الوجه أكرم موضع في الجسد، والأنف أكرم موضع من الوجه، لتقدمه له، ولذلك جعلوه مكان العز والحمية، واشتقوا منه الأنفة، وقالوا: الأنف في الأنف، وحمى أنفه، وفلان شامخ العرنين. وقالوا في الذليل: جدع أنفه، ورغم أنفه. فعبر بالوسم على الخرطوم عن غاية الإذلال والإهانة؛ لأن السمة على الوجه شين وإذالة، فكيف بها على أكرم موضع منه؟ ولقد الزمخشري وسم أباعره في وجوهها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكرموا الوجوه» ، فوسمها في جواعرها. العباس وقيل: لفظ الخرطوم استخفاف به واستهانة؛ لأن أصل الخرطوم للخنزير والفيل. وقيل: سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة يبين بها عن سائر الكفرة، كما عادى رسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة بان بها عنهم. انتهى.
تنبيه:
قيل: عنى بالآية الأخنس بن شريق، قال : وأصله من ابن جرير ثقيف، وعداده في بني زهرة; أي: لأنه التحق بهم حتى كان منهم في الجاهلية; ولذا سمي زنيما للصوقه بالقوم، وليس منهم، وقيل: هو الوليد بن المغيرة ، ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده.
[ ص: 5897 ]