القول في تأويل قوله تعالى:
[18 - 24] يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية في جنة عالية قطوفها دانية كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية
[ ص: 5916 ] يومئذ تعرضون أي: على ربكم للحساب والمجازاة لا تخفى منكم خافية أي: سريرة كانت تخفى في الدنيا بستر الله.
فأما من أوتي كتابه بيمينه أي: علامة لفوزه فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه أي: تعالوا، أو خذوا. والهاء للسكت، لا ضمير غيبة.
قال الشهاب: فحقها أن تحذف وصلا، وتثبت وقفا لتصان حركة الموقوف عليه، فإذا وصل استغنى عنها. ومنهم من أثبتها في الوصل لإجرائه مجرى الوقف، أو لأنه وصل بنية الوقف. وإثباتها وصلا قراءة صحيحة، ويلتفت لقول بعض النحاة: إنها لحن. إني ظننت أي: علمت أني ملاق حسابيه أي: جزائي يوم القيامة، أي: فأعددت له عدته من الإيمان والعمل الصالح.
فهو في عيشة راضية أي: ذات رضا، ملتبسة به، فيكون بمعنى مرضية، أو الأصل: راض صاحبها، فأسند الرضا إليها، لجعلها، لخلوصها عن الشوائب، كأنها نفسها راضية مجازا ويجوز أن يكون فيه استعارة مكنية وتخييلية، كما فصل في "المطول".
في جنة عالية قطوفها دانية جمع قطف بكسر القاف، وهو ما يقطف من ثمرها دانية أي: قريبة سهلة التناول.
كلوا أي: يقال لهم: كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية أي: الماضية في الحياة الدنيا.