القول في تأويل قوله تعالى:
[ 34 - 41 ] فإذا جاءت الطامة الكبرى يوم يتذكر الإنسان ما سعى وبرزت الجحيم لمن يرى فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى
فإذا جاءت الطامة الكبرى أي: التي تطم على كل هائلة من الأمور، فتغمر ما سواها بعظيم هولها، وهي القيامة للحساب والجزاء. الداهية العظمى
يوم يتذكر الإنسان ما سعى أي: ما عمل من خير أو شر، وذلك بعرضه عليه.
وبرزت الجحيم لمن يرى أي: أظهرت نار الله لأبصار الناظرين.
فأما من طغى أي: أفرط في تعديه ومجاوزته حد الشريعة والحق إلى ارتكاب العصيان والفساد والضلال.
وآثر الحياة الدنيا أي: متاعها وشهواتها، على كرامة الآخرة وما أعد فيها للأبرار.
فإن الجحيم هي المأوى أي: [ ص: 6054 ] مأواه ومرجعه.
وأما من خاف مقام ربه أي: مقامه بين يديه للسؤال، أو جلاله وعظمته، أي: اتقاه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ونهى النفس عن الهوى أي: فيما يكرهه الله ولا يرضاه منها، فخالفها إلى ما أمره به.
فإن الجنة هي المأوى أي: مصيره يوم القيامة، وجواب (إذا) محذوف; لدلالة التقسيم عليه، تقديره: ظهرت الأعمال، أو انقسم الناس قسمين.