القول في تأويل قوله تعالى:
[ 6 ] إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية
إن الذين كفروا أي: بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فجحدوا نبوته من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية أي: شر من برأه الله وخلقه. قال الإمام: لأن منكر الحق -بعد معرفته وقيام الدليل عليه- منكر في الحقيقة لعقل نفسه، مهلك لروحه، جالب الهلاك لغيره.
[ ص: 6229 ] لطائف:
الأولى: دلت هذه الآية والتي قبلها على أن عنوان (المشركين)، لا يتناول أهل الكتاب في عرف القرآن، بل هو خاص بالوثنيين، أعني من يدينون بالإشراك وتعدد الأرباب، فأهل الكتاب -وهم اليهود والنصارى- لا يتناولهم ذلك العنوان وإن دخل في عقائدهم الشرك; لأنه دخيل لا أصيل، ولذلك ينفرون من وصمة الشرك، وبسببه حل النكاح منهم دون الوثنين.
الثانية: قال : العرب لا تهمز البرية. وبترك الهمزة فيها قرأتها قراء الأمصار، غير شيء يذكر عن ابن جرير نافع بن أبي نعيم ، فإنه حكى بعضهم عنه أنه كان يهمزها، وذهب بها إلى قول الله من قبل أن نبرأها وأنها فعيلة من ذلك، وأما الذين لم يهمزوها، فإن لتركهم الهمز في ذلك وجهين: أحدهما: أن يكونوا تركوا الهمز فيها كما تركوه من الملك، وهو مفعل، من (ألك)، أو (لأك)، ومن (يرى)، و (ترى) و (نرى)، وهو (تفعل) من رأيت. والآخر: أن يكونوا وجهوها إلى أنها فعلية، من وهو التراب. حكي عن العرب سماعا فقيل: (بفيك البراد)، يعني به التراب. انتهى. البراء