تنبيه:
قال
السيوطي في "الإكليل" في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34الرجال قوامون على النساء إن الزوج يقوم بتربية زوجته وتأديبها ومنعها من الخروج، وإن عليها طاعته إلا في معصية، وإن ذلك لأجل ما يجب لها عليه من النفقة، ففهم العلماء من هذا أنه متى عجز عن نفقتها لم يكن قواما عليها، وسقط ما له من منعها من الخروج.
واستدل بذلك من أجاز لها الفسخ حينئذ، ولأنه إذا خرج من كونه قواما عليها فقد خرج عن الغرض المقصود بالنكاح.
واستدل بالآية من جعل
nindex.php?page=treesubj&link=14823للزوج الحجر على زوجته في نفسها ومالها ، فلا تتصرف فيه إلا بإذنه، لأنه جعله (قواما) بصيغة المبالغة، وهو الناظر في الشيء الحافظ له.
واستدل بها على أن
nindex.php?page=treesubj&link=7641المرأة لا تجوز أن تلي القضاء كالإمامة العظمى ؛ لأنه جعل الرجال قوامين عليهن، فلم يجز أن يقمن على الرجال، انتهى.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34واللاتي تخافون نشوزهن أي: عصيانهن وسوء عشرتهن وترفعهن عن مطاوعتكم، من (النشز) وهو ما ارتفع من الأرض يقال: نشزت المرأة بزوجها وعلى زوجها: استعصت عليه، وارتفعت عليه وأبغضته، وخرجت عن طاعته.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34فعظوهن أي: خوفوهن بالقول، كاتقي الله، واعلمي أن طاعتك لي فرض عليك، واحذري عقاب الله في عصياني، وذلك لأن الله قد أوجب
nindex.php?page=treesubj&link=11372حق الزوج عليها وطاعته، وحرم عليها معصيته؛ لما له عليها من الفضل والإفضال، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=663449لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، والإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد [ ص: 1221 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ nindex.php?page=showalam&ids=14070، والحاكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652998إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، ولفظه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=659602إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34واهجروهن بعد ذلك إن لم ينفع الوعظ والنصيحة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34في المضاجع أي: المراقد فلا تدخلوهن تحت اللحف ولا تباشروهن، فيكون كناية عن الجماع.
قال
حماد بن سلمة البصري : يعني النكاح، وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الهجر هو أن لا يجامعها، ويضاجعها على فراشها، ويوليها ظهره، وكذا قال غير واحد.
وزاد آخرون منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس (في رواية): ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها، وقيل: المضاجع المبايت، أي: لا تبايتوهن.
وفي السنن والمسند عن
معاوية بن حيدة القشيري nindex.php?page=hadith&LINKID=673753أنه قال: يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت. nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34واضربوهن -
nindex.php?page=treesubj&link=17965إن لم ينجع ما فعلتم من العظة والهجران - ضربا غير مبرح أي: شديد ولا شاق، كما ثبت في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=934891أنه قال في حجة الوداع: واتقوا الله في النساء، [ ص: 1222 ] فإنهن عوان عندكم، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح .
قال الفقهاء: هو أن لا يجرحها، ولا يكسر لها عظما، ولا يؤثر شينا، ويجتنب الوجه؛ لأنه مجمع المحاسن، ويكون مفرقا على بدنها، ولا يوالي به في موضع واحد؛ لئلا يعظم ضرره.
ومنهم من قال: ينبغي أن يكون الضرب بمنديل ملفوف، أو بيده! لا بسوط ولا عصا، قال عطاء: ضرب بالسواك.
قال
الرازي : وبالجملة، فالتخفيف مراعى في هذا الباب على أبلغ الوجوه، والذي يدل عليه أنه تعالى ابتدأ بالوعظ، ثم ترقى منه إلى الهجران في المضاجع، ثم ترقى منه إلى الضرب، وذلك تنبيه - يجري مجرى التصريح - في أنه مهما حصل الغرض بالطريق الأخف وجب الاكتفاء به، ولم يجز الإقدام على الطريق الأشق، وهذه طريقة من قال: حكم هذه الآية مشروع على الترتيب، فإن ظاهر اللفظ - وإن دل على الجمع - إلا أن فحوى الآية يدل على الترتيب.
قال
علي بن أبي طلحة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يهجرها في المضجع، فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضربا غير مبرح، ولا تكسر لها عظما، فإن أقبلت وإلا فقد أحل الله لك منها الفدية.
وقال آخرون: هذا الترتيب مراعى عند خوف النشوز، أما عند تحققه فلا بأس بالجمع بين الكل.
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=941064علقوا السوط حيث يراه أهل البيت، فإنه آدب لهم رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وأبو نعيم في الحلية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا أي: إذا رجعن عن النشوز عند هذا التأديب إلى الطاعة في جميع ما يراد منهن مما أباحه الله منهن، فلا سبيل للرجال عليهن بعد ذلك بالتوبيخ والأذية بالضرب والهجران
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34إن الله كان عليا كبيرا فاحذروه، تهديد للأزواج على ظلم النسوان من غير سبب، فإنهن - وإن ضعفن عن دفع ظلمكم، وعجزن عن الانتصاف منكم - فالله سبحانه علي قاهر كبير قادر، ينتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن، فلا تغتروا بكونكم أعلى يدا منهن وأكبر درجة
[ ص: 1223 ] منهن، فإن الله أعلى منكم وأقدر منكم عليهن، فختم الآية بهذين الاسمين فيه تمام المناسبة، ولما ذكر تعالى حكم النفور والنشوز من الزوجة ذكر ما إذا كان النفور من الزوجين بقوله:
تَنْبِيهٌ:
قَالَ
السُّيُوطِيُّ فِي "الْإِكْلِيلِ" فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ إِنَّ الزَّوْجَ يَقُومُ بِتَرْبِيَةِ زَوْجَتِهِ وَتَأْدِيبِهَا وَمَنْعِهَا مِنَ الْخُرُوجِ، وَإِنَّ عَلَيْهَا طَاعَتَهُ إِلَّا فِي مَعْصِيَةٍ، وَإِنَّ ذَلِكَ لِأَجْلِ مَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مِنَ النَّفَقَةِ، فَفَهَمَ الْعُلَمَاءُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ نَفَقَتِهَا لَمْ يَكُنْ قَوَّامًا عَلَيْهَا، وَسَقَطَ مَا لَهُ مِنْ مَنْعِهَا مِنَ الْخُرُوجِ.
وَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مَنْ أَجَازَ لَهَا الْفَسْخَ حِينَئِذٍ، وَلِأَنَّهُ إِذَا خَرَجَ مِنْ كَوْنِهِ قَوَّامًا عَلَيْهَا فَقَدْ خَرَجَ عَنِ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ بِالنِّكَاحِ.
وَاسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ مَنْ جَعَلَ
nindex.php?page=treesubj&link=14823لِلزَّوْجِ الْحَجْرَ عَلَى زَوْجَتِهِ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا ، فَلَا تَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، لِأَنَّهُ جَعَلَهُ (قَوَّامًا) بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ النَّاظِرُ فِي الشَّيْءِ الْحَافِظُ لَهُ.
وَاسْتُدِلَّ بِهَا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=7641الْمَرْأَةَ لَا تَجُوزُ أَنْ تَلِيَ الْقَضَاءَ كَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الرِّجَالَ قَوَّامِينَ عَلَيْهِنَّ، فَلَمْ يُجِزْ أَنْ يَقُمْنَ عَلَى الرِّجَالِ، انْتَهَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ أَيْ: عِصْيَانَهُنَّ وَسُوءَ عِشْرَتِهِنَّ وَتَرَفُّعَهُنَّ عَنْ مُطَاوَعَتِكُمْ، مِنَ (النَّشْزِ) وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ يُقَالُ: نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ بِزَوْجِهَا وَعَلَى زَوْجِهَا: اسْتَعْصَتْ عَلَيْهِ، وَارْتَفَعَتْ عَلَيْهِ وَأَبْغَضَتْهُ، وَخَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34فَعِظُوهُنَّ أَيْ: خَوِّفُوهُنَّ بِالْقَوْلِ، كَاتَّقِي اللَّهَ، وَاعْلَمِي أَنَّ طَاعَتَكِ لِي فَرْضٌ عَلَيْكِ، وَاحْذَرِي عِقَابَ اللَّهِ فِي عِصْيَانِي، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ
nindex.php?page=treesubj&link=11372حَقَّ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَطَاعَتَهُ، وَحَرَّمَ عَلَيْهَا مَعْصِيَتَهُ؛ لِمَا لَهُ عَلَيْهَا مِنَ الْفَضْلِ وَالْإِفْضَالِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=663449لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَالْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ [ ص: 1221 ] عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٍ nindex.php?page=showalam&ids=14070، وَالْحَاكِمُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=134بُرَيْدَةَ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652998إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ .
وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ ، وَلَفْظُهُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=659602إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34وَاهْجُرُوهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَنْفَعِ الْوَعْظُ وَالنَّصِيحَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34فِي الْمَضَاجِعِ أَيِ: الْمَرَاقِدِ فَلَا تُدْخِلُوهُنَّ تَحْتَ اللُّحُفِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ، فَيَكُونُ كِنَايَةً عَنِ الْجِمَاعِ.
قَالَ
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ الْبَصْرِيُّ : يَعْنِي النِّكَاحَ، وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : الْهَجْرُ هُوَ أَنْ لَا يُجَامِعَهَا، وَيُضَاجِعَهَا عَلَى فِرَاشِهَا، وَيُوَلِّيَهَا ظَهْرَهُ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَزَادَ آخَرُونَ مِنْهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ nindex.php?page=showalam&ids=16584وَعِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ (فِي رِوَايَةٍ): وَلَا يُكَلِّمُهَا مَعَ ذَلِكَ وَلَا يُحَدِّثُهَا، وَقِيلَ: الْمَضَاجِعُ الْمَبَايِتُ، أَيْ: لَا تُبَايِتُوهُنَّ.
وَفِي السُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ عَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=673753أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ. nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34وَاضْرِبُوهُنَّ -
nindex.php?page=treesubj&link=17965إِنْ لَمْ يَنْجَعْ مَا فَعَلْتُمْ مِنَ الْعِظَةِ وَالْهِجْرَانِ - ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ أَيْ: شَدِيدٍ وَلَا شَاقٍّ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=934891أَنَّهُ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، [ ص: 1222 ] فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ .
قَالَ الْفُقَهَاءُ: هُوَ أَنْ لَا يَجْرَحَهَا، وَلَا يَكْسِرَ لَهَا عَظْمًا، وَلَا يُؤَثِّرَ شَيْنًا، وَيَجْتَنِبَ الْوَجْهَ؛ لِأَنَّهُ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ، وَيَكُونَ مُفَرَّقًا عَلَى بَدَنِهَا، وَلَا يُوَالِيَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ؛ لِئَلَّا يَعْظُمَ ضَرَرُهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ بِمِنْدِيلٍ مَلْفُوفٍ، أَوْ بِيَدِهِ! لَا بِسَوْطٍ وَلَا عَصًا، قَالَ عَطَاءٌ: ضَرْبٌ بِالسِّوَاكِ.
قَالَ
الرَّازِيُّ : وَبِالْجُمْلَةِ، فَالتَّخْفِيفُ مُرَاعًى فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى أَبْلَغِ الْوُجُوهِ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَالَى ابْتَدَأَ بِالْوَعْظِ، ثُمَّ تَرَقَّى مِنْهُ إِلَى الْهِجْرَانِ فِي الْمَضَاجِعِ، ثُمَّ تَرَقَّى مِنْهُ إِلَى الضَّرْبِ، وَذَلِكَ تَنْبِيهٌ - يَجْرِي مَجْرَى التَّصْرِيحِ - فِي أَنَّهُ مَهْمَا حَصَلَ الْغَرَضُ بِالطَّرِيقِ الْأَخَفِّ وَجَبَ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَلَمْ يَجُزِ الْإِقْدَامُ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَشَقِّ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ مَنْ قَالَ: حُكْمُ هَذِهِ الْآيَةِ مَشْرُوعٌ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَإِنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ - وَإِنْ دَلَّ عَلَى الْجَمْعِ - إِلَّا أَنَّ فَحْوَى الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ.
قَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : يَهْجُرُهَا فِي الْمَضْجَعِ، فَإِنْ أَقْبَلَتْ وَإِلَّا فَقَدَ أَذِنَ اللَّهُ لَكَ أَنْ تَضْرِبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَا تَكْسِرَ لَهَا عَظْمًا، فَإِنْ أَقْبَلْتَ وَإِلَّا فَقَدَ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ مِنْهَا الْفِدْيَةَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا التَّرْتِيبُ مُرَاعًى عِنْدَ خَوْفِ النُّشُوزِ، أَمَّا عِنْدَ تَحَقُّقِهِ فَلَا بَأْسَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْكُلِّ.
وَعَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=941064عَلِّقُوا السَّوْطَ حَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُ الْبَيْتِ، فَإِنَّهُ آدَبُ لَهُمْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا أَيْ: إِذَا رَجَعْنَ عَنِ النُّشُوزِ عِنْدَ هَذَا التَّأْدِيبِ إِلَى الطَّاعَةِ فِي جَمِيعِ مَا يُرَادُ مِنْهُنَّ مِمَّا أَبَاحَهُ اللَّهُ مِنْهُنَّ، فَلَا سَبِيلَ لِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّوْبِيخِ وَالْأَذِيَّةِ بِالضَّرْبِ وَالْهِجْرَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا فَاحْذَرُوهُ، تَهْدِيدٌ لِلْأَزْوَاجِ عَلَى ظُلْمِ النِّسْوَانِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، فَإِنَّهُنَّ - وَإِنْ ضَعُفْنَ عَنْ دَفْعِ ظُلْمِكُمْ، وَعَجَزْنَ عَنِ الِانْتِصَافِ مِنْكُمْ - فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلِيٌّ قَاهِرٌ كَبِيرٌ قَادِرٌ، يَنْتَقِمُ مِمَّنْ ظَلَمَهُنَّ وَبَغَى عَلَيْهِنَّ، فَلَا تَغْتَرُّوا بِكَوْنِكُمْ أَعْلَى يَدًا مِنْهُنَّ وَأَكْبَرَ دَرَجَةً
[ ص: 1223 ] مِنْهُنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ أَعْلَى مِنْكُمْ وَأَقْدَرُ مِنْكُمْ عَلَيْهِنَّ، فَخَتْمُ الْآيَةِ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ فِيهِ تَمَامُ الْمُنَاسَبَةِ، وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى حُكْمَ النُّفُورِ وَالنُّشُوزِ مِنَ الزَّوْجَةِ ذَكَرَ مَا إِذَا كَانَ النُّفُورُ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِقَوْلِهِ: