القول في تأويل قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28845_30563_30566_30569_30658_34122_34190_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا [89]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89ودوا لو تكفرون كما كفروا كلام مستأنف مسوق لبيان غلوهم وتماديهم في الكفر وتصديهم لإضلال غيرهم إثر بيان كفرهم وضلالهم في أنفسهم أي: تمنوا أن تكفروا ككفرهم بعد الإيمان
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فتكونون سواء أي: في الكفر والضلال
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فلا تتخذوا منهم أولياء في العون والنصرة لئلا يفضي إلى كفركم، وإن أظهروا لكم الإيمان طلبا لموالاتكم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89حتى يهاجروا من دار الكفر
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89في سبيل الله فتتحققوا إيمانهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فإن تولوا أي: عن الهجرة فهم، وإن أظهروا لكم الإسلام مع قدرتهم على الهجرة فافعلوا بهم ما تفعلون بالكفار؛ لأنه زال عنهم حكم النفاق بلحوق دار الكفر.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فخذوهم أي: اتسروهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89واقتلوهم حيث وجدتموهم في الحل والحرم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا أي: لا توالوهم ولا تستنصروا بهم على أعداء الله ما داموا كذلك.
[ ص: 1438 ] تنبيهان:
الأول: قال
الرازي : دلت الآية على أنه لا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=28802موالاة المشركين والمنافقين والمشتهرين بالزندقة والإلحاد ، وهذا متأكد بعموم قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء [الممتحنة: من الآية 1] والسبب فيه أن أعز الأشياء وأعظمها عند جميع الخلق هو الدين؛ لأن ذلك هو الأمر الذي يتقرب به إلى الله تعالى ويتوسل به إلى طلب السعادة في الآخرة، وإذا كان كذلك كانت العداوة الحاصلة بسببه أعظم أنواع العداوة، وإذا كان كذلك امتنع طلب المحبة والولاية في الموضع الذي يكون أعظم موجبات العداوة حاصلا فيه، والله أعلم.
الثاني: يظهر لي أن الأقرب في سبب نزول هذه الآيات أعني قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فما لكم في المنافقين إلخ ... رواية
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف، كما يدل عليه سير هذه الآيات وتدبرها بصادق النظر والإمعان، وقد اهتدى إلى ذلك الفاضل
المهايمي في تفسيره، فاقتصر على هذا الوجه فقال: وهم الذين استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخروج إلى البدو لاجتواء
المدينة ، فلم يزالوا يرتحلون مرحلة بعد أخرى حتى لحقوا المشركين. انتهى.
وقول
السيوطي: في إسناد رواية
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف عند
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد تدليس وانقطاع - لا يقدح في إصابتها كبد الحقيقة؛ لأنها وجدت فيها قرينة تلحقها بالمقبول وهو موافقتها لألفاظ الآية بلا تكلف، وحينئذ فقول
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت : فنزلت فيما تقدم بمعنى أنها تشمل ما وقع من المنخزلين عن أحد وما جرى من اختلاف المؤمنين في شأنهم، لا أن ما وقع كان سببا لنزولها، واستعمال النزول بذلك معروف كما بيناه في المقدمة، وإلا لأشكل قوله تعالى: " إلا أن يهاجروا " إذ لم تطلب المهاجرة إلا من النائين عن
المدينة، أولئك - أعني الذين انخزلوا عن المسلمين في أحد - كانوا بها، فيحتاج إلى جعل المهاجرة بمعنى خروجهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، صابرين محتسبين مخلصين، كما قاله بعض المفسرين.
وهذا المعنى لم يشع في المهاجرة، ولأشكل أيضا قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم فإنه يفيد بأنهم ليسوا من منافقي
[ ص: 1439 ] أهل
المدينة ، وإنه يتوقع الظفر بهم، وإلا فمنافقوها بين ظهرانيهم ليلا ونهارا، فالظاهر في هذا المقام رواية
ابن عوف ، وفي آخر رواية
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد ما يشعر بها حيث قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=659462إنها طيبة وإنها تنفي الخبث إشارة إلى أن
المدينة نفت هؤلاء الذين نزحوا عنها بعد إسلامهم، والله أعلم.
ثم استثنى عن أسر المرتدين وقتلهم بقولهم:
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28845_30563_30566_30569_30658_34122_34190_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا [89]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مَسُوقٌ لِبَيَانِ غُلُوِّهِمْ وَتَمَادِيهِمْ فِي الْكُفْرِ وَتَصَدِّيهِمْ لِإِضْلَالِ غَيْرِهِمْ إِثْرَ بَيَانِ كُفْرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ أَيْ: تَمَنَّوْا أَنْ تَكْفُرُوا كَكُفْرِهِمْ بَعْدَ الْإِيمَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فَتَكُونُونَ سَوَاءً أَيْ: فِي الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ فِي الْعَوْنِ وَالنُّصْرَةِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى كُفْرِكُمْ، وَإِنْ أَظْهَرُوا لَكُمُ الْإِيمَانَ طَلَبًا لِمُوَالَاتِكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89حَتَّى يُهَاجِرُوا مِنْ دَارِ الْكُفْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَتَحَقَّقُوا إِيمَانَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فَإِنْ تَوَلَّوْا أَيْ: عَنِ الْهِجْرَةِ فَهُمْ، وَإِنْ أَظْهَرُوا لَكُمُ الْإِسْلَامَ مَعَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى الْهِجْرَةِ فَافْعَلُوا بِهِمْ مَا تَفْعَلُونَ بِالْكَفَّارِ؛ لِأَنَّهُ زَالَ عَنْهُمْ حُكْمُ النِّفَاقِ بِلُحُوقِ دَارِ الْكُفْرِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فَخُذُوهُمْ أَيِ: اتَّسِرُوهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا أَيْ: لَا تُوَالُوهُمْ وَلَا تَسْتَنْصِرُوا بِهِمْ عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ مَا دَامُوا كَذَلِكَ.
[ ص: 1438 ] تَنْبِيهَانِ:
الْأَوَّلُ: قَالَ
الرَّازِيُّ : دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=28802مُوَالَاةُ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَالْمُشْتَهِرِينَ بِالزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ ، وَهَذَا مُتَأَكَّدٌ بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ [الْمُمْتَحَنَةِ: مِنَ الْآيَةِ 1] وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ أَعَزَّ الْأَشْيَاءِ وَأَعْظَمَهَا عِنْدَ جَمِيعِ الْخَلْقِ هُوَ الدِّينُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى طَلَبِ السَّعَادَةِ فِي الْآخِرَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَتِ الْعَدَاوَةُ الْحَاصِلَةُ بِسَبَبِهِ أَعْظَمَ أَنْوَاعِ الْعَدَاوَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ طَلَبُ الْمَحَبَّةِ وَالْوِلَايَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ أَعْظَمُ مُوجِبَاتِ الْعَدَاوَةِ حَاصِلًا فِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِي: يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَقْرَبَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ إِلَخْ ... رِوَايَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سَيْرُ هَذِهِ الْآيَاتِ وَتَدَبُّرُهَا بِصَادِقِ النَّظَرِ وَالْإِمْعَانِ، وَقَدِ اهْتَدَى إِلَى ذَلِكَ الْفَاضِلُ
الْمَهَايِمِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، فَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ: وَهُمُ الَّذِينَ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْبَدْوِ لِاجْتِوَاءِ
الْمَدِينَةِ ، فَلَمْ يَزَالُوا يَرْتَحِلُونَ مَرْحَلَةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى لَحِقُوا الْمُشْرِكِينَ. انْتَهَى.
وَقَوْلُ
السُّيُوطِيِّ: فِي إِسْنَادِ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ تَدْلِيسٌ وَانْقِطَاعٌ - لَا يَقْدَحُ فِي إِصَابَتِهَا كَبِدَ الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهَا وُجِدَتْ فِيهَا قَرِينَةٌ تُلْحِقُهَا بِالْمَقْبُولِ وَهُوَ مُوَافَقَتُهَا لِأَلْفَاظِ الْآيَةِ بِلَا تَكَلُّفٍ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : فَنَزَلَتْ فِيمَا تَقَدَّمَ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَشْمَلُ مَا وَقَعَ مِنَ الْمُنْخَزِلِينَ عَنْ أُحُدٍ وَمَا جَرَى مِنِ اخْتِلَافِ الْمُؤْمِنِينَ فِي شَأْنِهِمْ، لَا أَنَّ مَا وَقَعَ كَانَ سَبَبًا لِنُزُولِهَا، وَاسْتِعْمَالُ النُّزُولِ بِذَلِكَ مَعْرُوفٌ كَمَا بَيَّنَاهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ، وَإِلَّا لَأُشْكِلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: " إِلَّا أَنْ يُهَاجِرُوا " إِذْ لَمْ تُطْلَبِ الْمُهَاجَرَةُ إِلَّا مِنَ النَّائِينَ عَنِ
الْمَدِينَةِ، أُولَئِكَ - أَعْنِي الَّذِينَ انْخَزَلُوا عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي أُحُدٍ - كَانُوا بِهَا، فَيُحْتَاجُ إِلَى جَعْلِ الْمُهَاجَرَةِ بِمَعْنَى خُرُوجِهِمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُؤْمِنِينَ، صَابِرِينَ مُحْتَسِبِينَ مُخْلِصِينَ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ.
وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَشِعْ فِي الْمُهَاجَرَةِ، وَلَأُشْكِلَ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ مُنَافِقِي
[ ص: 1439 ] أَهْلِ
الْمَدِينَةِ ، وَإِنَّهُ يُتَوَقَّعُ الظَّفَرُ بِهِمْ، وَإِلَّا فَمُنَافِقُوهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَالظَّاهِرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ رِوَايَةُ
ابْنِ عَوْفٍ ، وَفِي آخِرِ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدٍ مَا يُشْعِرُ بِهَا حَيْثُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=659462إِنَّهَا طَيْبَةٌ وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ
الْمَدِينَةَ نَفَتْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَزَحُوا عَنْهَا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ اسْتَثْنَى عَنْ أَسْرِ الْمُرْتَدِّينَ وَقَتْلِهِمْ بِقَوْلِهِمْ: