القول في تأويل قوله تعالى:
[115] قال الله إني منـزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين
قال الله إني منـزلها عليكم إجابة لدعوتكم: فمن يكفر أي: بي وبرسولي: بعد أي: بعد تنزيلها، المفيد للعلم الضروري بي وبرسولي: منكم أيها المنعمون بها: فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين أي: من عالمي زمانهم. أو من العالمين جميعا.
روى بسنده إلى ابن جرير قال: كان قتادة يقول: لما قيل لهم: الحسن فمن يكفر بعد منكم إلخ قالوا: لا حاجة لنا فيها، فلم تنزل.
روى منصور بن زادان عن أيضا أنه قال في المائدة: أنها لم تنزل. الحسن
وروى ابن أبي حاتم عن وابن جرير عن ليث بن أبي سليم قال: هو مثل ضربه الله ولم ينزل شيء. أي: مثل ضربه الله لخلقه. نهيا لهم عن مسألة الآيات لأنبيائه. مجاهد
قال الحافظ ابن كثير: وهذه أسانيد صحيحة إلى مجاهد وقد يتقوى ذلك بأن خبر المائدة لا تعرفه النصارى. وليس هو في كتابهم. ولو كانت قد نزلت لكان ذلك [ ص: 2218 ] مما يتوفر الدواعي على نقله. وكان يكون موجودا في كتبهم متواترا، ولا أقل من الآحاد. والله أعلم. والحسن.
ثم قال: ولكن الجمهور أنها نزلت. وهو الذي اختاره قال: لأن الله تعالى أخبر بنزولها في قوله تعالى: ابن جرير. إني منـزلها عليكم ووعد الله ووعيده حق وصدق.
وهذا القول هو -والله أعلم- الصواب. كما دلت عليه الأخبار والآثار عن السلف وغيرهم.
ومن الآثار ما أخرجه عن الترمذي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر قال أنزلت المائدة من السماء خبزا ولحما وأمروا أن لا يخونوا ولا يدخروا لغد. فخانوا وادخروا ورفعوا لغد. فمسخوا قردة وخنازير. وقد روي عن الترمذي: من طريق، موقوفا وهو أصح. عمار،
وأخرج عن ابن أبي حاتم عن ابن شهاب أن ابن عباس، عيسى ابن مريم قالوا له: ادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء. قال: فنزلت الملائكة بالمائدة يحملونها. عليها سبعة أحوات وسبعة أرغفة. فأكل منها آخر الناس كما أكل منها أولهم.
وقد ساق آثارا في نزولها لا تخلو عن غربة ونكارة في سياقها، كما لا يخفى. ابن كثير
روى الإمام عن أحمد قال: ابن عباس قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك. قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم: قال: فدعاه، فأتاه جبريل [ ص: 2219 ] فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا، فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين. وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة. قال: بل باب التوبة والرحمة» . «قالت
ورواه في مستدركه الحاكم وابن مردويه.