[ ص: 2258 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[13]
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29687_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وله أي: ولله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13ما سكن في الليل والنهار أي: ما استقر وحل، من السكنى بمعنى الحلول. كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=45وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم والمعنى: له تعالى كل ما حصل في الليل والنهار، مما طلعت عليه الشمس أو غربت. شبه الاستقرار بالزمان، بالاستقرار في المكان، فاستعمل استعماله فيه. أو سكن من السكون، مقابل الحركة. أي: ما سكن فيهما وما تحرك، فاكتفى بأحد الضدين عن الآخر، كما في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سرابيل تقيكم الحر ؛ لأن ذلك يعرف بالقرينة. وعليه، فإنما اكتفى بالسكون عن ضده دون العكس؛ لأن السكون أكثر وجودا، والنعمة فيه أكثر.
قال بعضهم: لا حاجة لدعوى الاكتفاء، فإن ما سكن يعم جميع المخلوقات، إذ ليس شيء منها غير متصف بالسكون، حتى المتحرك، حال حركته، على ما حقق في الكلام: من أن تفاوت الحركات بالسرعة والبطء لقلة السكنات المتخللة وكثرتها.
لطيفة:
قال
أبو مسلم الأصفهاني: ذكر تعالى في الآية الأولى السماوات والأرض؛ إذ لا مكان سواهما. وفي هذه الآية ذكر الليل والنهار؛ إذ لا زمان سواهما، فالزمان والمكان ظرفان
[ ص: 2259 ] للمحدثات، فأخبر سبحانه أنه مالك للمكان والمكانيات، ومالك للزمان والزمانيات. وهذا بيان في غاية الجلالة.
وقال
الرازي: هاهنا دقيقة أخرى؛ وهو أن الابتداء وقع بذكر المكان والمكانيات، ثم ذكر عقيبه الزمان والزمانيات؛ وذلك لأن المكان والمكانيات أقرب إلى العقول والأفكار من الزمان والزمانيات، لدقائق مذكورة في العقليات الصرفة. والتعليم الكامل هو الذي يبدأ فيه بالأظهر فالأظهر مترقيا إلى الأخفى فالأخفى، وهذا من سر نظم الآية مع ما قبلها.
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وهو السميع العليم يسمع كل مسموع، ويعلم كل معلوم، فلا يخفى عليه شيء مما يشتمل عليه الملوان.
[ ص: 2258 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[13]
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29687_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وَلَهُ أَيْ: وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَيْ: مَا اسْتَقَرَّ وَحَلَّ، مِنَ السُّكْنَى بِمَعْنَى الْحُلُولِ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=45وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَالْمَعْنَى: لَهُ تَعَالَى كُلُّ مَا حَصَلَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ. شَبَّهَ الِاسْتِقْرَارَ بِالزَّمَانِ، بِالِاسْتِقْرَارِ فِي الْمَكَانِ، فَاسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ. أَوْ سَكَنَ مِنَ السُّكُونِ، مُقَابِلَ الْحَرَكَةِ. أَيْ: مَا سَكَنَ فِيهِمَا وَمَا تَحَرَّكَ، فَاكْتَفَى بِأَحَدِ الضِّدَّيْنِ عَنِ الْآخَرِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعْرَفُ بِالْقَرِينَةِ. وَعَلَيْهِ، فَإِنَّمَا اكْتَفَى بِالسُّكُونِ عَنْ ضِدِّهِ دُونَ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ السُّكُونَ أَكْثَرُ وُجُودًا، وَالنِّعْمَةَ فِيهِ أَكْثَرُ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ لِدَعْوَى الِاكْتِفَاءِ، فَإِنَّ مَا سَكَنَ يَعُمُّ جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ، إِذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا غَيْرَ مُتَّصِفٍ بِالسُّكُونِ، حَتَّى الْمُتَحَرِّكُ، حَالَ حَرَكَتِهِ، عَلَى مَا حُقِّقَ فِي الْكَلَامِ: مِنْ أَنَّ تَفَاوُتَ الْحَرَكَاتِ بِالسُّرْعَةِ وَالْبُطْءِ لِقِلَّةِ السَّكَنَاتِ الْمُتَخَلِّلَةِ وَكَثْرَتِهَا.
لَطِيفَةٌ:
قَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ: ذَكَرَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُولَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؛ إِذْ لَا مَكَانَ سِوَاهُمَا. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ ذَكَرَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ؛ إِذْ لَا زَمَانَ سِوَاهُمَا، فَالزَّمَانُ وَالْمَكَانُ ظَرْفَانِ
[ ص: 2259 ] لِلْمُحْدَثَاتِ، فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَكَانِ وَالْمَكَانِيَّاتِ، وَمَالِكٌ لِلزَّمَانِ وَالزَّمَانِيَّاتِ. وَهَذَا بَيَانٌ فِي غَايَةِ الْجَلَالَةِ.
وَقَالَ
الرَّازِيُّ: هَاهُنَا دَقِيقَةٌ أُخْرَى؛ وَهُوَ أَنَّ الِابْتِدَاءَ وَقَعَ بِذِكْرِ الْمَكَانِ وَالْمَكَانِيَّاتِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَقِيبَهُ الزَّمَانَ وَالزَّمَانِيَّاتِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَكَانَ وَالْمَكَانِيَّاتِ أَقْرَبُ إِلَى الْعُقُولِ وَالْأَفْكَارِ مِنَ الزَّمَانِ وَالزَّمَانِيَّاتِ، لِدَقَائِقَ مَذْكُورَةٍ فِي الْعَقْلِيَّاتِ الصِّرْفَةِ. وَالتَّعْلِيمُ الْكَامِلُ هُوَ الَّذِي يُبْدَأُ فِيهِ بِالْأَظْهَرِ فَالْأَظْهَرِ مُتَرَقِّيًا إِلَى الْأَخْفَى فَالْأَخْفَى، وَهَذَا مِنْ سِرِّ نَظْمِ الْآيَةِ مَعَ مَا قَبْلَهَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ يَسْمَعُ كُلَّ مَسْمُوعٍ، وَيَعْلَمُ كُلَّ مَعْلُومٍ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْمَلَوَانِ.