القول في تأويل قوله تعالى:
[104] قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ
وقوله تعالى: قد جاءكم بصائر من ربكم أي: الآيات والدلائل التي تبصرون بها الهدى من الضلالة. جمع (بصيرة)، وهي الدلالة التي توجب البصر بالشيء، والعلم به. وجوز أن يكون المعنى: قد جاءكم من الوحي ما هو كالبصائر للقلوب، جمع (بصيرة) وهو النور الذي يستبصر به القلب، كما أن البصر نور تستبصر به العين.
فمن أبصر أي: الحق بتلك البصائر وآمن به: فلنفسه أي: فلنفسه أبصر؛ لأن نفعه لها ومن عمي أي: ضل عن الحق. والتعبير عنه ب (العمى) للتقبيح له، والتنفير عنه: فعليها أي: فعلى نفسه عمي، وإياها ضر بالعمى وما أنا عليكم بحفيظ أي: برقيب يرقبكم، ويحفظكم عن الضلال، بل أنا منذر، والله يحفظ أعمالكم، ويجازيكم عليها.